ثقافة وفنون

الطاهر الطويل يفتح باب «مكتبة القرويين في مدينة فاس» ويوثق لسبعة قرون في خدمة البحث

الطاهر الطويل يفتح باب «مكتبة القرويين في مدينة فاس» ويوثق لسبعة قرون في خدمة البحث

عبد العزيز بنعبو

الرباط –  صدر للإعلامي والكاتب المغربي الطاهر الطويل، كتاب جديد تحت عنوان «مكتبة القرويين في مدينة فاس»، استرجع فيه سبعة قرون في خدمة البحث والمعرفة لإحدى «المنارات العلمية الشامخة التي بقيت أبوابها مشرعة، منذ تأسيسها في وجه كل الراغبين في النهل مما تحفل به من كتب متنوعة ومخطوطات نفيسة».
الكاتب الواقع في 96 صفحة من القطع المتوسط، والصادر عن منشورات معهد الشارقة للتراث في الإمارات العربية المتحدة، يعتبر إضافة نوعية في مسار الطاهر الطويل وينقله من الكتابة الساخرة كما هو الحال في أعمدته الشهيرة وكتاب «لسان الحال»، والدراسات النقدية مثل «مرايا النفس المهشمة»، و»المسرح الفردي في الوطن العربي»، إلى عالم التوثيق الإعلامي والأدبي والمعرفي والبحث العلمي من خلال فتح أبواب مكتبة القرويين في كتابه الجديد.
كما لو كان استطلاعا جماليا ومعرفيا أو تحقيقا مهنيا، صاغ الكاتب مؤلفه عن مكتبة القرويين بشكل فيه من النكهة الإعلامية لصحافي مهني الكثير، وفيه من ملامح البحث والتنقيب والكشف عن مختلف جوانب هذه المعلمة الشامخة، مثلما وصفها في تقديمه.
بين الدراسة والتوثيق والإعلامي، توزّع الكتاب من أول جملة إلى آخر عنوان يفتن القارئ ويغريه بزيارة تاريخية من ذاكرة الزمن، وبزيارة ميدانية تزاوج بين السياحة والمعرفة إلى مدينة فاس التي يبدو أن لقب «العاصمة العلمية» نالته لأن فيها مكتبة القرويين والعديد من المعالم الثقافية والمعرفية الأخرى، ناهيك عن رموز العلم والابداع.
ويخصص الطاهر الطويل الفصل الأول من الكتاب لاستعراض المحددات التاريخية والمعرفية لهذه المعلمة، بداية بأصل التسمية والسياق التاريخي، والتحول من الجامع إلى الجامعة، كما يطلع القارئ على أنواع المكتبات في المغرب ومنها المكتبات السلطانية والمكتبات العامة والخاصة وتلك الخاصة بالزوايا الصوفية.
في الفصل الثاني، يتطرق إلى التأسيس والتحديث، ومنه عملية التوسعة وتحقيق الاشعاع، ويمر على مكتبة المسجد، ثم لحظة دخول المطبعة الحجرية إلى فاس، كما يبرز نظام المكتبة. بالنسبة للمبحث الثاني من هذا الفصل، يتصفح الكاتب مخطوطات المكتبة ويوضح أصل التسمية، ثم يرحل بالقارئ إلى محتوى هذه المعلمة المعرفية في العصر الحاضر وفهارسها، ومراحل ترميم المخطوطات.
بقلم الصحافي في التقرير المهني، ونظرة الباحث في سبر التفاصيل، ولمسة المبدع في الصياغة، يوجه الطاهر الطويل أضواء كلماته نحو مكتبة القرويين ودورها في الحفاظ على التراث العلمي والمعرفي، باعتبارها واحدة من أعرق المكتبات في العالم الإسلامي.
وبالخطوات نفسها يمشي في الممر التاريخي لهذه المعلمة ونشأتها وعلاقتها الوثيقة بجامع القرويين والتحولات التي طرأت عليها حين تحولت من مكتبة ملحقة بمسجد إلى مؤسسة أكاديمية تحتضن أمهات الكتب والمخطوطات النادرة.
ومن خلال استعراض محتويات المكتبة، يعيد الكاتب مجد الكتاب الورقي، ومجد المكتبات رغم المنافسة الشرسة للوسائط الحديثة، ويبسط أمام القارئ التنوع الغني الذي يشتمل على مجالات متعددة مثل الفقه والحديث والتفسير والطب والرياضيات والفلك والأدب والفلسفة والتاريخ، هي كنز حقيقي على المستوى المعرفي تجاوز تأثيرها الدراسة والتحصيل المعرفي والعلمي، إلى الثقافي الرابط بين المغرب الكبير والأندلس والمشرق، على اعتبار أنها شكلت على الدوام فضاء علميا استقطب العلماء والطلاب من مختلف الأقطار، وأسهم في نقل العلوم والمعارف عبر الأجيال.
وعن أسباب نزول هذا الكتاب، يطرح الطاهر الطويل أسئلة من قبيل «ما هي العوامل التي أسهمت في تأسيس مكتبة القرويين؟» و»ما الذي ضمن لهذه المكتبة الاستمرار والتطور؟» و»كيف هي حالتها الراهنة؟» وما هي الجهود المبذولة من أجل الحفاظ على ديمومة الخدمات العملية التي تقوم بها، وفق شروط الجودة والفعالية والنجاعة المطلوبة؟» ليؤكد أن طرح هذا الكتاب هو محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة، «من خلال اقتراح رحلة فكرية تربط الماضي بالحاضر، متوسلا في ذلك توليفة منهجية تجمع بين صرامة المنهج والبحث التاريخي وموضوعية المنهج الوصفي وجاذبية التحقيق الصحافي».

«القدس العربي» :

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب