مقالات

صفقة الأسرى واحتمالات وقف إطلاق النار في غزة: بين إصرار المقاومة وتردد الحكومة الإسرائيلية..

صفقة الأسرى واحتمالات وقف إطلاق النار في غزة: بين إصرار المقاومة وتردد الحكومة الإسرائيلية..

بقلم على اعمو

في خضم القصف الإسرائيلي المكثّف لقطاع غزة، والذي دمّر ما يفوق 80% من البنية التحتية للقطاع، يواجه
المدنيون الفلسطينيون كارثة إنسانية غير مسبوقة. فقد أدى الحصار المشدد ومنع دخول المساعدات الإنسانية من غذاء
ودواء ووقود إلى تفاقم الوضع، مما جعل المجاعة وسوء التغذية يهددان حياة مئات الآلاف من السكان، خصوصًا
الأطفال والمرضى.
ورغم هذه الظروف القاسية، تواصل المقاومة الفلسطينية صمودها، موجهة ضربات موجعة للقوات الإسرائيلية ومكبّدةً
إياها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وهو ما أحرج الحكومة الإسرائيلية وأربك حساباتها. ومع تصاعد الضغط
الشعبي والسياسي في الداخل الإسرائيلي، برزت أصوات معارضة داخل الكنيست تهاجم سياسة رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو وتدعو إلى إنهاء الحرب والدخول في صفقة تبادل أسرى.
وتأتي دعوات هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين لتزيد الضغط على الحكومة، حيث وصفت الهيئة نتنياهو بـ"الشرير"،
مطالبة الرئيس الأمريكي بالتدخل والضغط على تل أبيب للقبول بصفقة تضمن إطلاق جميع الأسرى دفعة واحدة. وقد
رحبت حركة حماس بالمسودة الجديدة التي طُرحت عبر الوساطات القطرية والمصرية، وأكدت أنها نالت موافقة جميع
فصائل المقاومة في غزة، مما يجعل الكرة في ملعب الحكومة الإسرائيلية.
نتنياهو، الذي يواجه معارضة متزايدة في الداخل واحتجاجات متصاعدة، ينوي إرسال فريقه التفاوضي إلى الدوحة. إلا
أن التساؤلات تُطرح حول ما إذا كانت هذه الجولة ستحمل أي جديد، خاصة في ظل تمسّك حماس بشروطها الأساسية،
وعلى رأسها:
1. وقف كامل لإطلاق النار.
2. انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
3. السماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ودائم.
الحكومة الإسرائيلية، من جهتها، تتخوف من أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى تكريس حكم حماس في غزة، وهو
الهاجس الذي يشكّل العقدة الأساسية في المفاوضات. فالمكوّن المتطرف في الحكومة الإسرائيلية، الذي يشكل الأغلبية،
يرفض أي اتفاق يبقي لحماس موطئ قدم في القطاع، ويصر على خيار الحسم العسكري واستعادة الأسرى بالقوة.
لكن الواقع الميداني يضع نتنياهو أمام معادلة معقدة: فالحرب لا تبدو قادرة على حسم المعركة لصالح إسرائيل دون
تكاليف باهظة، بينما الضغط الداخلي والدولي يتزايد لإيجاد حل سياسي وإنساني يوقف الكارثة في غزة. كما أن فشل أي
صفقة سيزيد من عزلة إسرائيل الدولية، خاصة في ظل توثيق الانتهاكات ضد المدنيين واتهامها بارتكاب جرائم حرب.
وفي المحصلة، فإن الجولة الجديدة من المفاوضات في الدوحة قد تكون حاسمة. إما أن تفضي إلى اختراق حقيقي في
ملف التهدئة وتبادل الأسرى، أو أن تعيد الوضع إلى نقطة الصفر، ما يعني استمرار الحرب وتفاقم المأساة الإنسانية في
غزة، وهو ما قد تكون له تداعيات إقليمية ودولية خطيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب