مقالات

نوبل للسّلام: للشّجاعة فرانشيسكا ألبانيز

نوبل للسّلام: للشّجاعة فرانشيسكا ألبانيز

سهيل كيوان

بسبب مواقفها الشّجاعة، تتعرّض ألبانيز بصورة مستمرّة إلى هجوم من قِبل الّلوبيات المؤيّدة لإسرائيل، ويطالبون بإقالتها من منصبها لإسكات هذا الصّوت الحُرّ…

في مشهد تراجيديكوميدي، أعلن المطلوب للعدالة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، بيبي نتنياهو، عن ترشيحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجائزة نوبل للسّلام.

كان أول فائزَيْن بجائزة نوبل للسّلام في العام 1901 هما:
الأول، السّويسري هنري دونان، مؤسّس منظمة الصليب الأحمر عام 1863، التي لها 193 فرعًا للصليب والهلال الأحمر في كل بقاع العالم، تقدّم خدماتها الإنسانية في مناطق الحروب والكوارث الطبيعية، وتشمل الخدمات الطبّية والتواصل مع الأسرى ومع العائلات في المناطق المنكوبة، وتقدّم البطانيات والخيام والطعام والعلاج وغيره للمنكوبين.

الثاني، وشريكه في الجائزة، هو اقتصادي وبرلماني فرنسي أسّس “الجمعية الفرنسية للتحكيم بين الأمم”، وهو من أوائل الدّعاة لإقامة محكمة دولية لحلّ النّزاعات بين الدول بالمفاوضات والتحكيم وبالطّرق السِّلمية.

وفي نظرة عامة على أسماء الحاصلين على هذه الجائزة، نجد شخصيات ومنظّمات أثّرت وأسهمت في حلّ النّزاعات المسلّحة في مختلف بقاع الأرض، كذلك في حماية الفئات المستضعفة مثل النّساء والأطفال والفقراء والسّكان الأصليين، والنّضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان.

من خلال ترشيحه لترامب، يريد نتنياهو أن يضرب عدة عصافير بحجرٍ واحد: أوّلًا، ردّ الجميل لترامب، على ما قدّمه وما زال يقدّمه للاحتلال، الذي توّجه بمشاركته في حربه ضد إيران وقصف مفاعلاتها النوويّة، والتصدي للصواريخ الإيرانية. قبل هذا، نقله السّفارة الأميركية إلى القدس المحتلّة، واعترافه بهضبة الجولان كجزء من دولة إسرائيل، بما يتعارض مع القانون الدولي.

فتح مخازن السّلاح الأميركي بلا أيّ حدود للاحتلال الإسرائيلي، ومساهمته المباشرة في تشريد سكان قطاع غزّة تحت شعار إقامة منطقة إنسانية، و”ريفيرا غزة”، ودفع سكان قطاع غزّة إلى الهجرة من خلال القتل والتجويع.

إضافة إلى الضغوط التي يمارسها ترامب على قادة الدول العربية، أوّلًا في منع دعمهم لقطاع غزّة، بل ودفع بعضهم للاصطفاف إلى جانب الاحتلال في حرب الإبادة، من خلال المساهمة في الحصار، وحتى تجريم التّضامن مع قطاع غزّة، والضّغط على قادة الدّول العربية للتّطبيع مع الاحتلال من غير شروط، أو من خلال شروط خُلّبية مثل “الوعد بإعداد أفق لمفاوضات تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية” أو “التطبيع مقابل وقف حرب الإبادة”.

إضافة إلى دعوة ترامب إلى رئيس دولة إسرائيل وجهازها القضائي لإصدار عفو عن نتنياهو في قضايا الرّشوة والفساد.

معاقبة شخصيات ومؤسسات دعت إلى محاكمة مجرمي الحرب، مثل فرانشيسكا ألبانيز، المحامية الإيطالية المختصّة في القانون الدولي، والتي تشغل منذ 2022 منصب المقرّرة الخاصة للأمم المتّحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة منذ عام 1967.

تدعو ألبانيز في تقاريرها إلى إنهاء الاحتلال وليس إلى إدارته.

دعت ألبانيز دول العالم إلى وقف تصدير السّلاح إلى إسرائيل، بسبب انتهاكات الاحتلال الجسيمة بحق المدنيين. ووصفت الاحتلال مرارًا بأنّه نظام فصل عنصري (أبرتهايد). كذلك وصفت ما يجري في قطاع غزّة بأنّه قد يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

أهمية ألبانيز أنّها من موقعها ومنبرها تعطي دفعة لأنصار القضية الفلسطينية من شتى أرجاء الأرض، وخصوصًا من الأوروبيين والأميركيين.

بسبب مواقفها الشّجاعة، تتعرّض ألبانيز بصورة مستمرّة إلى هجوم من قِبل الّلوبيات المؤيّدة لإسرائيل، ويطالبون بإقالتها من منصبها لإسكات هذا الصّوت الحُرّ.

ترامب بدوره فرض عقوبات مالية ضدها، ووصفها وزير خارجيته ماركو روبيو بأنّها معادية للسّامية وداعمة للإرهاب، وبأنّها تقود حربًا سياسية واقتصادية ضد أميركا وإسرائيل. وهذا ما يؤكّد أهمية ترشيحها لهذه الجائزة، وإن كانت هنالك بعض التساؤلات حول نزاهة منحها في بعض المرّات.

حاليًّا، هنالك حملة شعبية داعمة لترشيح فرانشيسكا ألبانيز لجائزة نوبل للسّلام، وتلاقي الحملة دعمًا شعبيًا وتوصياتٍ متصاعدةً بصورة يومية من مختلف الشّرائح والحركات والجمعيات والأحزاب والشعوب والبُلدان.

إضافة إلى ترشيح ألبانيز، هناك من يُقرن الاقتراح بمنحها شراكة مع الطواقم الطّبية في قطاع غزّة، حيث استُشهد منهم حوالي 1600 بين طبيب وممرّض ومُسعف، واعتُقل أكثر من 310 منهم وتعرّضوا للتنكيل والتّعذيب.

وسواء حصلت ألبانيز والطواقم الطبّية الفلسطينية على جائزة نوبل للسلام أم لم تحصل عليها، فإن في ترشيحها رسالة قويّة لأعداء السّلام ومجرمي الحروب، وكذلك لمحبي السّلام والعدل والحريّة، بأنّه مهما علا صوت العربدة والجريمة والإرهاب المنظّم، فإن الإنسانيّة ما زالت موجودة، وقادرة على إنقاذ وحماية نفسها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب