
اشراقات في نفق المعركة
بقلم :أ. علي الدوش
حينما إندلعت المعركة وفاقت الافق المخطط لها بحسم فوري وضع له سقف زمني حدد بثلاثة ساعات وما انفكت حتى مدد سقف زمنها لثلاثة أيام ثم خمسة عشر يوما وتمدد تاريخ استمرارها لما فاق الأربعة أشهر ولا أمل في توقفها كما لا أمل في تحقيق أي انتصار يحوزه أحد الطرفان المتصارعان وهذا مايؤكده مسار المعركة منذ انطلاقة رصاصتها الأولى
فنزح من نزح ولجأ من لجأ وبقى من بقى يصارع ويلات المعركة ومضاعفاتها من موت مجاني اثر شظية طائشة أو سلب لممتلكاته تحت وطاءة التهديد بالسلاح أو إغتصاب لسكنه وهو يحدوه الأمل بتوقف المعركة وعودة الحياة الآمنة المستقرة
ومن المؤسف حقا هو بوادر التعايش مع معطيات المعركة كامر واقع لافكاك منه مما يطيل امدها ليضعها في مصاف المعارك المنسية كمخطط استراتيحي وضعت ارتكازاته بعناية من مطبخ التربص الاستنزافي لمقدرات البلاد تحت مظلة المعركة وحالة اللا دولة وما بين هذا وذاك تلوح
من الاشراقات الإيجابية في ظلام المعركة هي توجهات بعض الأسر إلى تحويل المعاناة إلى إبداعات ترفد مسيرة الحياة باستحداث وسائل تعوض العوز المادي في السيولة كمنهج تعويضي للرواتب ومصادر الدخل التي غابت بفعل الحرب العبثية اللعينة
فظهرت صناعات من داخل البيوت كصناعة الصابون والجبنة والشعيرية وبعض المعجنات كانواع الباسطة والقرقوش والبسكويت المنزلي كسلع تسويقية تسد رمق الحياة بدلا من التسول وسؤال الآخرين
ومن شأن مثل هذه الصناعات الخفيفة التطور بما يزيد مساحات التغطية لتشكل دخلا بديلا يساهم في الاستقرار الذي يدعم النماء المجتمعي المنشود ليشكل حالة مصغرة من حالات الاعتماد على الذات وتطويع الموارد المتاحة محليا لما يخدم دوائر الإنتقال من حيز الاستهلاك إلى حيز الانتاج المجتمعي وفق صيغ الإيجاب للخروج من المسغبة التي فرضتها المعركة العبثية التي خاض غمارها طرفي النزاع من أجل الهيمنة وفرض النفوذ على حساب الشعب الذي أصبح مغلوبا على أمره حتى في دعمه لأحد طرفي النزاع الذي لم يبقي ولم يذر اي فرصة من فرص الحياة الآمنة الحرة الكريمة