عود على بدء … ضياع حلم الفاو الكبير بقلم الدكتور عبدالخالق الشاهر
بقلم الدكتور عبدالخالق الشاهر

عود على بدء … ضياع حلم الفاو الكبير
بقلم الدكتور عبدالخالق الشاهر
نشرت لي الزمان الغراء مقالات كثيرة عن هذا الحلم قبل ان يبدأ افوله ورغم ان احلامنا كعراقيين عادة ما نصحى لنعرف انها مجرد احلام … حلمنا طويلا منذ ايام الدراسة المتوسطة بالموقع الجغرافي المهم للعراق وكيف انه يربط كذا بكذا وكبرنا ودرسنا وتعلمنا الجيوبولتيك وغيرها وكلها اكدت اهمية حلم المتوسطة كانت اول تلك المقالات بعنوان ” لنرفع قبعاتنا للكاظمي ولكن ليس الآن ” واوضحت لماذا ليس الآن؟؟ وهو ان ننتظر لكي نعلم هل سيستمر اهتمامه بالميناء ؟؟ .. بعدها جاء مقالي ” اخذتم كل شيء فاتركوا ميناء الفاو الكبير” وكان ذلك في 3/1/2022
قد يستغرب بعض الاخوات والاخوة الأعزة عن سبب هذا (التهويل) فأجيبهم بأن العراق كان كبيرا بموانئه وإطلالاته البحرية وإلا لما بنى حضارة وبدأ يخسرها واحدة بغد الاخرى .. ومنها وليس آخرها ميناء مبارك الذي باعه البعض بحفنة من الدولارات ..يدخل حربا فيعتمد على ميناء العقبة .. يصدر نفطه فيمد الاف الكيلومترات من خطوط الانابيب .. يدلل جارتيه غير العربيتين فيشربان حصته في دجلة والفرات ليصبح بلاد الساقيتين بدلا من الرافدين ، وتنتهي اهواره التي لم يبك عليها احد كما لم يبك احد على مصفى بيجي العظيم … وينزح اهلنا في الاهوار الى العاصمة التي سبق ان فازت بلقب اسوأ مدينة للعيش في العالم ونفوسها بات 9 مليون انسان وضاع عنبر المشخاب الذي رائحته كرائحة العراق .. ولعل الكثير من تلك الإطلالات ضاع ، اما آخرها فهو ميناء الفاو الكبير (الحلم الاخير) والذي وضعنا حجر الاساس لضياعه .. سكة الشلامجة . وكانت تمثل لي طلقة الرحمة لذلك الحلم ، خصوصا وأن هناك سكك اخرى تنتظر دورها من اقطار الخليج الذي هو ليس عربيا وليس فارسي كما ذكر عالم ايراني في ندوة لمناقشة الامر في الثمانينات حين احتدم الجدل حول الموضوع بمؤتمر في الكويت حيث قام ووقف امام النافذة المطلة على الخليج ودعي المؤتمرين الى الوقوف جنبه ليروا الاسطول الامريكي ليقول لهم انه اليوم خليج امريكي ومتى ما رحل الامريكان نعود للجوار هل هو عربي ام فارسي .
تهويل آخر قد يتهمني به البعض وهو انه لا يعقل ان تؤثر سكة ايرانية طولها عشرات الكيلومترات على ميناء كبير وأقول بهذا الصدد انه لست انا الكاتب المغمور من قال ذلك بل الذي قالها بطريقة اخرى وكررها لأهميتها هو السيد السوداني ” الذي سبق وان اكد بما لا يقبل الشك بأن اي ربط سككي مع اي دولة من دول الجوار يمثل تفريط بكل موانئ العراق وليس ميناء الفاو ولا يخدم اي مصلحة وطنية .. وأن هذا يعد تفريطا بأهم ورقة يملكها العراق بحكم هذا الموقع الجعرافي المتميز ” اما السيد وزير النقل السابق فقد قال ” لا سكة الا بعد اكتمال ميناء الفاو الكبير ”
اليوم وفي الافتتاح تحدث السيد السوداني عن ايجابيات السكة العظيمة ودورها المستقبلي في نقل الزوار الايرانيين ونسى ان يقول ان لا منفعة اقتصادية من ذلك فالزوار تأشيرة دخولهم مجانية بأمر من السيد رئيس الجمهورية السابق ، وسيجدون الطعام العراقي المجاني والمرطبات على طول الطريق فضلا عن تدليك الارجل ودهن الاحذية مجانا ,, ولعله من المفيد الذكر ان السكة لو كانت لنقل الزوار لما كتبت مقالي اصلا ولكن الحقيقة تقول انها ستكون لنقل البضائع وهذا ما صرح به السيد نائب الرئيس الايراني بأنها ستسهم في تطوير (التبادل التجاري) مع العرض ان لا وجود لهذا المصطلح في العراق الذي لا يصدر شيئا عدا النفط ويستورد كل شيء ، وعندما اقول كل شيء فأني اقصد حتى الافكار الهدامة .. أي ان تلك السكة ستكون لنقل البضائع من الموانئ الايرانية الى البصرة عقدة طريق التنمية الذي سيسهم في التنمية الايرانية بهذه السكة بعد ان فقدنا الحزام والطريق الصيني الرهيب بلا مبرر سوى التدخل الخارجي وصار من الماضي وبقى ميناء الفاو والذي سيفقد قيمته كما اسلفنا وستعمل من ارصفته التسعين 20 رصيفا .
لم اعتمد على تصريح السيد نائب الرئيس الايراني فقط بل استند الى حقيقة فنية وهي ان قطار المسافرين تكون سكته بالرقم 15 طن والبضائع بالرقم 25 طن وهذا هو رقم السكة .. والحل بسيط وهو ان تتضمن الاتفاقية يقول ” لنقل المسافرين حصرا” وتودع الاتفاقية لدى الامم المتحدة
الكل ساكت .. السادة النواب والسادة الوزراء .. لكن سكوتهم كلهم لا يعادل سكوت الادعاء العام لأنه المسؤول الاول عن اي ضرر تحدثه الدولة بمواطنيها وهو الذي يقول قفوا ويبدأ بإحالة كل من باع ميناء مبارك وغيره للكويت ومن باع ميناء الفاو لإيران ، ومن كان ينوي بيعه للكويت من خلال سكة اخرى ، ولا تستغربوا ان ذلك قد يحصل فبمجرد حرق نسخة اخرى من القرآن العزيز نستنفر الشعب لشهر واحد فتوقع الاتفاقية خلسة وينتهي الامر
ان لم يحصل ما جاء في اعلاه ولم يتحرك الشعب فليس امامنا الا ان نقول كما قال النبي ايوب شاكيا لربه ” اللهم اني مسني الضر وأنت ارحم الراحمين ”
2/9/2023