
كم كلفت الحرب الأوكرانية …. لحد الآن
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ
برلين : 5 / أكتوبر / 2023
أصبح بمرور الوقت من العسير جداً إحصاء كم كلفت الحرب الأوكرانية الغرب من أموال سائلة (نقود)، أو عينية (مواد إغاثة، معدات عسكرية)، منها ما سجلت على أوكرانيا كديون، ومنها ما أعطيت كمنح وهبات، ومن المؤكد أن الخزانة الأوكرانية تعاني من نقص حاد في العملات الأجنبية، وباتت تعتمد بصفة تامة على المساعدات،كما أن ما لديها من أنظمة الدفاع الشرقية (السوفيتية والروسية) قد استهلكت بصفة تامة أو شبه تامة، بو ويمكن التقدير، أن الحرب استهلكت حتى الأسلحة الشرقية المعتمدة في جيوشها (بلدان أوربا الشرقية) التي ورثتها من الأنظمة السابقة. فأفرغت مستودعاتها من الأسلحة لتلتهمها نيران الحرب.
وعلى صعيد تقديم المساعدات المالية فقد قدمت دول أوربا الغربية المساعدات المالية، لدرجة أنه الحكومات الغربية باتت عاجزة عن إقناع برلماناتها من الموافقة على ضخ المزيد من المساعدات المالية والعنية، فالحرب قد أصبحت كبرميل لا قعر له، يحرق المزيد من القدرات والامكانات ناهيك عن الأرواح والممتلكات، لدرجة باتت الشكوك تحوم حول بقاء أوكرانيا ككيان سياسي.
وفي آخر تقرير حول مؤشرات الموقف، تشير بوضوح إلى أتساع المعسكر الروسي، وتضاؤل المعسكر الغربي، فروسيا التي ابتدأت الحرب بمفردها تدعمها الصين، أنظمت لهم بيلاروسيا، ثم كوريا الشمالية، (4 دول)، ثم تحولت بولونيا من داعم رئيسي لأوكرانيا، إلى ممتنع عن تقديم المساعدات، التحقت بها سلوفاكيا على أثر فوز الحزب الديمقراطي الاشتراكي اليساري في الانتخابات، الذي تعهد بعد إرسال قطعة ذخيرة واحدة لأوكرانيا، وهو موقف مماثل لموقف المجر السباقة بالوقوف لجانب روسيا، وكذلك الصرب في موقف علني، (4 دول) وهناك مواقف غير مريحة في برلمانات ومجتمعات إيطاليا والنمسا، هناك تردد وشعوب يتنامى بالخطر، كما في فرنسا وألمانيا، وهناك في صلب المعسكر الأمريكي (الولايات المتحدة وبريطانيا) مؤشرات غير مريحة كالتباطؤ في صرف أبواب ميزانية أوكرانيا، وتحوله إلى صفحة مثيرة للجدل داخل مؤسسات الدولة والمجتمع، تطيح في تفاعلاتها بشخصيات حكومية (وزير الدفاع البريطاني، ورئيس البرلمان الأمريكي).
وتشير أكثر التقديرات صواباً عن الدعم بصفة عامة للحرب الأوكرانية، ولا بد من التنويه، أن يجد القارئ أختلافا جزئياً في الأرقام، وهذه من طبيعة الأعمال الكبيرة. والتي احترقت بلهيب الحرب والمطلوب في هذه اللحظة دفع المزيد …!
وكشفت دراسة للمعهد الاقتصادي الألماني “IW”، في برلين، أن الاقتصاد العالمي تكبد خسائر كبيرة جراء الحرب المتواصلة في أوكرانيا تقدر 1.2 تريليون دولار، مع تأثر الاقتصادات الغربية على نحو خاص حيث فقدت ثلثي إنتاجها العالمي، كما شكلت مشكلات إمدادات الطاقة والمواد الخام ضغطاً على الشركات في جميع أنحاء العالم. وتوقع المعهد خسائر عالمية إضافية بقيمة 1 تريليون دولار حتى نهاية عام 2023.
ووفق معطيات نشرها صندوق النقد الدولي، بلغ معدل التضخم العالمي العام الماضي 8.8 %، وستتواصل عواقب الحرب على الاقتصاد العالمي، ربما حتى بعد أن تضع هذه الحرب أوزارها كنتائج وتداعيات. حيث يتوقع أن ينخفض النمو العالمي من 3.4 % في عام 2022 إلى 2.9 % في 2023. وهذا يرشح الحرب الأوكرانية بوصفها أغلى حرب في التاريخ، وللعلم فإن تكلفة الحرب(العالمية الثانية 1939 ــ 1945) بلغت أكثر من 4 تريليون دولار. فيما كانت للحرب العالمية الأولى (1914 ــ 1918 ) تكلفة باهظة تزيد بحسابات اليوم على 3 تريليون دولار، كما تقدر دوائر متخصصة، إلى مقدار الأموال التي تم إنفاقها على سباق التسلح النووي الذي كان في صميم صراع الحرب الباردة التي امتدت من عام 1945 حتى أوائل التسعينيات، إذ تُقَدر هذه الأموال بنحو 10 تريليون دولار في جميع أنحاء العالم لتطوير الترسانات النووية.
ومن جهة أخرى، تظل حربا العراق وأفغانستان من أكثر الحروب كلفة بالنسبة إلى الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين، فوفقاً لصحيفة “USA Today” الأميركية، فإن تكلفة الحربين بلغت نحو 2 تريليون دولار، فحرب أفغانستان الأطول في التاريخ الأميركي حيث امتدت نحو 20 عاماً بلغت نفقاتها الحربية أكثر من910 مليارات دولار، فيما بلغت النفقات الحربية لحرب العراق أكثر من تريليون دولار. ومع ذلك، يشير “معهد واتسون” للشؤون العامة والدولية، في رود آيلاند بالولايات المتحدة (watson institute for international and public affairs, Rhode island)، إلى أن إجمالي نفقات الحرب على الإرهاب التي بدأتها الولايات المتحدة في عام 2001، بلغ حتى عام 2022 نحو 8 تريليونات دولار.
وفي الحسابات المستقبلية القريبة والبعيدة، فالتوقعات مخيبة للآمال، إذ توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن تكلف الحرب الروسية على أوكرانيا الاقتصاد العالمي خسائر تصل إلى 2.8 تريليون دولار بحلول نهاية 2023 إذا استمرت الحرب (1)
وقالت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، وهي منظمة حكومية تضم 38 دولة، وتعتبر تجمعا للاقتصادات المتقدمة l باريس (oecd) أن تكلفة تأثير الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي تقدر بحوالي 2.8 تريليون دولار بنهاية العام المقبل. وقد ترتفع الأرقام، إذا صافنا شتاء قاسياً، مما يؤدي لأستهاك متزايد للكاقة، وإلى تقنين الاستخدام، في كافة الدول الأوربية، ، مما سيقود إلى التراجع في الإنتاج.
وصرح رئيس المعهد، في تصريحات لصحيفة “rheinische post” الألمانية الصادرة دوسلدورف،، أن الحرب بتأثيرها على ارتفاع أسعار الطاقة كلفت الاقتصاد الألماني (الذي يسمى قاطرة الاقتصاد الأوربي) نحو 100 مليار يورو، أو نحو 2.5% من الناتج الاقتصادي للبلاد. وقال إن سعر الغاز صار أعلى بنحو 3 حتى 5 أضعاف ما هو عليه في الولايات المتحدة، في حين باتت الكهرباء أغلى بـ4 أضعاف ما هي عليه في فرنسا. (2)
وأكد رئيس المعهد، في تصريحاته، أن الحرب بتأثيرها على ارتفاع أسعار الطاقة كلفت الاقتصاد الألماني نحو 100 مليار يورو، أو نحو 2.5% من الناتج الاقتصادي للبلاد. (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش
1. التوقعات الدولية للتكلفة الاقتصادية للحرب الأوكرانية أكثر من تريليوني دولار:
إنجي مجدي صحافية ، الأربعاء 29 مارس 2023 11:42 .
2. 27 / سبتمبر / 2022 – باريس – سكاي نيوز عربية
. Artikel in rheinische post, September / 2023 –3