صحيفة إسرائيلية: هكذا سقط كل من نتنياهو وغالانت أسيرين بين “أمل” التوقع و”ورطة” الواقع

صحيفة إسرائيلية: هكذا سقط كل من نتنياهو وغالانت أسيرين بين “أمل” التوقع و”ورطة” الواقع
تخوض إسرائيل منذ أشهر حرباً عادلة فرضتها عليها منظمة إرهاب إجرامية. لكن وإن كانت عادلة حدوثها في ظل مراعاة لقيود القوة ومصلحة الدولة للمدى البعيد. فقد قال وزير الدفاع يوآف غالانت أمس، إن إسرائيل تتعرض للاعتداء في سبع جبهات وترد في ستة، ليس أقل. وقصد غزة، ولبنان، وسوريا، والضفة، واليمن وإيران. هذه ليست وفرة يُتبرّك بها، بل تستوجب التفكير جيداً بسلم أولويات وتوزيع القوات والمقدرات. فهل تنجح حكومتنا في هذه المهمة؟ ليس مؤكداً.
في جلسة أول أمس، رفض نتنياهو طرح البحث في خطة تغيير طبيعة قتال الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. كان آيزنكوت قد اقترح هذا البحث؛ فأجله نتنياهو لموعد يرفض تحديده. في الأسبوع الماضي، منع غالانت عن جهة عسكرية أن تطرح الخطة للبحث في محفل يترأسه. بقدر ما أفهم، ثمة إجماع عام أو شبه عام في هذه اللحظة، على وجوب الانتقال إلى المرحلة التالية. على الرغم من ذلك، يؤخر نتنياهو وغالانت ذلك، كل لأسبابه
حان الوقت للبحث.. حان الوقت للقرار
يفترض أن تقلص المرحلة الثالثة حجم قوات الجيش الإسرائيلي في القطاع، والأسباب واضحة: قرابة خمس فرق تعمل هناك اليوم. قسم من القوات ضرورية في الشمال في حالة تدهور الوضع هناك إلى حرب. وقسم آخر، رجال احتياط، بحاجة للعودة إلى بيوتهم وعملهم.
السبب الأساسي والحاسم، التغيير اللازم في القتال في غزة. تجري هناك عملية كان يمكن توقعها مسبقاً. المنفعة العسكرية في تطهير كل فوهة نفق، وكل نفق، وكل بيت مشبوه هي منفعة آخذة في التقلص وثمن الإصابات في صفوف قواتنا يرتفع. في الجيش الإسرائيلي من يقدر بأننا أبدنا 20 في المئة من قوة حماس العسكرية حتى اليوم. وثمة تقديرات أعلى، لكن لا تتحدث أي منها عن إبادة عامة. قيادتها العسكرية نجت في معظمها ومحمية على ما يبدو من خلال وجود المخطوفين. فقدت المنظمة معظم معاقل الحكم، لكنها لم تفقد الحكم على معظم الغزيين. استمرار القتال يتطلب أساليب أخرى، مدى آخر، توقعات أخرى.
النتيجة هي ما كانت تسمى في حروب سابقة “مراوحة” وفي الحرب الحالية “عالقة”. الحرب قاسية وتوقع مصابين، لكن ليس فيها بشائر كبرى. حتى لو توفي السنوار، أو الضيف أو عيسى، ثلاثة زعماء منظمة الإرهاب أو اعتقلوا، فلن يتغير الوضع الأساسي.
المشكلة في الفجوة بين التوقعات والواقع. بشكل طبيعي، الانتقال من المرحلة الثانية إلى الثالثة يستدعي إجمالاً أولياً، ومقايسة بين الأهداف التي عرضت والأهداف التي تحققت. نتنياهو وغالانت يجتازان صعوبة في الوصول إلى هذه اللحظة؛ فقد خلقا توقعات لدى الجمهور والمقاتلين على حد سواء للحسم والإبادة والتصفية والنصر الذي سيمحون به تقصيرهم في 7 أكتوبر بضربة واحدة. وهما يواصلان ذلك الآن أيضاً كل بأسلوبه. التوقعات ليست واقعية؛ وكذا الإعلانات؛ فهي تنضم إلى الأخطاء التي سبقت هجمة حماس.
لقد ابتلع الخطاب الاستراتيجية؛ وابتلعت الشعبوية الجوهر. هذا وضع مأساوي.
إن التلبث في القرارات في سياق غزة إشكالي من ناحية أخرى: فهو يسلب الانتباه عن الجبهات الخمس الأخرى التي تتعرض فيها إسرائيل للهجوم. لعبة الشطرنج المركبة التي تديرها إسرائيل مع إيران، من لبنان حتى البحر الأحمر والمحيط الهندي، ومن غزة في الغرب وحتى طهران شرقاً، ومن اليمن حتى دمشق، كلها تتحول بالتدريج إلى لعبة نرد، سيكون للحظ فيها أو لانعدام الحظ وزن حاسم.
المرحلة الثالثة تنفذ في النهاية: سينتقل الجيش الإسرائيلي في القطاع إلى البتر والصيانة. ولن تكون هذه جنة عدن، لا في أمن المقاتلين حيال ما يتبقى من حماس، ولا في التصدي للوضع الإنساني. حياة المخطوفين وحريتهم غير مضمونتين ما يبدو. وعندها ستأتي المرحلة التي يخافها نتنياهو أكثر من كل شيء: البحث في السيطرة على القطاع. كل حل سينطوي على دور لجهات فلسطينية. كل دور للفلسطينيين سيسقط حلفه مع بن غفير وسموتريتش.
ناحوم برنياع
يديعوت أحرونوت 27/12/2023