مقالات

إسرائيل: نقْضُ المَواثيق و ارِتكاب الجَرائم..

إسرائيل: نقْضُ المَواثيق و ارِتكاب الجَرائم..

الأستاذ : علي او عمو.
المملكة المغربية.

مهما قام الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم بشعة في حقّ الفلسطينيين العُزَّل قبل و بعد “النكبة” فإنّ مُحاسبته و مُعاقبته عن هذه الجرائم التي تُعدّ جرائمَ ضدّ البشريّة يظلّ مُستحيلاً مادام أنّ ما يُسمّى (المجتمع الدولي) يغضّ النظر عن كل ما تقوم به إسرائيل، فالأنظمة الغربيّة هي التي أنشأت (الدولة العبرية) في المنطقة بعد أن كانت في الشتات لا أرض لها و لا موطِئ قدَم في العالم يُقيم فيه و يأويه، و قد كان الكيان مَنبوذاً في البلدان الغربية بالخصوص، و قد وصلت كراهيةَ الجنس اليهودي مداهُ في هذه الدول، و ما قتلُ (هتلير) للآلاف المؤلَّفة منهم إلّا نموذجاً لانتشار كراهية هذا الكيان في أوروبا، بخلاف اليهود المُقيمين على أراضي البلدان العربيّة الذين لم يتعرّضوا لأي تمييز، فقد انسجموا مع الشعوب انسجاماً لا مثيلَ له، بحيثُ قاموا بإنشاء بيوتهم في أماكن خاصة بهم تُدعى (الملّاح) و لا أحد يُضايِقُهم في حياتهم و لا في عمَلهم، فقد كانوا يُمارسون تجارتهم و مِهَنهم المُختلفة بكلّ حريّة، و كانوا قد برعوا آنذاك في التجارة أكثر من غيرهم كما (يَحكي أجدادنا). و رغم احتضان العرب لليهود، في الوقت الذي كان الغرب قد نبذَهم و كرَهَهم أشدّ الكراهيّة، فإنّ هذا الكيان لم يعترف بهذا الجميل الذي أسداهُ العرب أنظمة و شعوباً، فعِوَض أن ينتقموا من الغرب، ها هم يولون كل الكراهية للعرب و يصدحون بعبارات الكراهية لهم (الموت للعرب). هذا الخُبث ليس وليد اليوم و إنّما هو إرث قديم ورثوه من أجدادهم، ففي عهد الرسول صلّى الله عليه و سلّم كانوا من ألذّ أعداء المُسلمين ، فكانوا يُسيئون إلى المُسلمين بجميع أنواع الإساءات، و كانوا كلّما عاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلّم عهداً نقضوه و لم يوفوا بأيّ عهدِ قط، لقد كانوا يعملون دوْماً في إشعال نار الفتنة بين القبائل العربية حتّى لا تهدأ الحروب و حتّى لا ينفضّ النزاع بينها لتبقى مُتشتِّةً و مُتفرِّقة، و قد ورد في القرآن الكريم ما يدلّ على خَساءَتهم و مكرهم و خِداعهم تُجاه أنبيائهم المُرسلين، فقد كذَّبوهم و كفَروا بما جاءوا به من الله تعالى و قد قتَلوا منهم الكثي، فهم لا يَدينون بأيّ دين عكسَ ما يدّعون، لا دينَ لهم و لا ملّة.
و قد فسّر الزمخشري قوله تعالى: (أو كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم، قال: واليهود مَوْسومون بالغدر ونقض العهود. وكم أخذ الله الميثاق منهم ومن آبائهم فنقضوا، وكم عاهدهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يُوفوا)..
العلاج الناجع لمثل هؤلاء القوم الذين اعتادوا على نقض العهود المرة تلو المرة هو عدم الدخول معهم في ميثاق، وإنما إعداد لهم القوة التي تُرهبهم، فهؤلاء لا يستقيمون على شرعة إلا إذا كانت القوة تهددهم، فلا ينبغي أن يكون العهد ملتزماً به من جانب واحد فيصبح له قيداً يثقل كاهله بينما الطرف الآخر لا يتقيد به وينتهز الفرص.
وسياسة اليهود في نقض العهود أن ينبذه فريق منهم ويبقى فريق محافظاً على العهد وذلك تجنباً للاستئصال، فإن لقي الناقضون للعهد جزاء رادعاً، لم يقدم الآخرون على ذلك، أما إن سلموا من العقوبة والتأديب لَحِق بهم الآخرون في النقض والتفلت من الميثاق.
و هذه السياسة قد أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) .
و عليه ، فالمُفاوَضات التي تُعوِّل عليها بعض الانظمة العربيّة لإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينيّة المُغتصَبة و إنشاء دولة مُستقلّة للفلسطينيين، وهْمٌ لا يُمكن تصديقه من عاقل، لأنّ الكيان لا يؤمن أصلاً بالمواثق و لا يفي بها و تاريخه شاهد على ذلك ، و المُفاوَضات الماروطونيّة من “مدريد” إلى “أوسلو” إلى كمب ديفيد إلى غيرها، كلّها مُفاوضات عبثيّة لم تُجدِ نفعاً، كانت فيها إسرائيل تتّفق المُفاوِضين الفلسطينيّين على قرار مّا في لقاء، ثمّ تأتي بعد ذلك فتنقُضه في لقاء آخر….
و قد أدركت المُقاومة الفلسطينيّة الباسلة الأمر و أدركت أنّ الحلّ الوحيد لتحرير أرض فلسطين و إنشاء دولة مُستقلّة للفلسطينيّين على أرضهم و عاصمتها القدس الشريف هو تقويّة المقاومة في جميع أرجاء فلسطين المحتلّة، و لذلك وحَّدت صفوفها و كلمتها و انتهجت سياسة المُقاومة المُسلّحة و ضمَّت إلى صفوفها مزيداً من المُقاوِمين الذين كانوا بالأمس القريب يؤمنون بما يُسمّى: (المفاوضات) و (السلطة الفيلسطينية)، لقد رصَّت صفوفها جيّدا مما أربَك الكَيان، خاصّة عندما تلقّى ضرباتٍ موجعةً في كل أرجاء الأراضي المُحتلَّة ، ضربات لم تَكُن في حسبان الكيان الغاشم الذي باتَ في حيرة من أمره أمام الخسائر الفادحة التي يتكبّدُها في كل مكان من ربوع فلسطين، لقد وصلت المُقاومة إلى تل أبيب، رغم تشديد العدوّ لحراسته في كلّ المستوطنات و في كلّ المُدن المُحتلّة.
لقد أربكت المُقاوَمة الفلسطينيّة الكيان الإسرائيليّ عنْدَما دخلَت إلى غُرفةِ نوْمه، يوم السبت السابع من أكتوبر، الذي اعتَبَره الكيان “السبت الأسود” نظراً لِفداحَة الخسائر التي تكَبَّدَها في ذلك اليوْم، و منذ تِلك الفاجعة، انهارت أحلامُه وتبخَّرت بِسبب عدم قُدرة “جيشه الذي لا يُقهَر” عن رَصد مُقاوَمَة حماس قبل دخولها إلى قواعده و مُعسكراته المُحصَّنة مِمّا نتج عن ذلك قتل و أسْر المِئات من جُنودِه، هذه الهزيمة الكُبرى للقوات الإسرائيليّة تَلَتْها هزائم أكبر منها، حين قرّرَت إسرائيل شنّ حرب ضدّ حركة حماس، فرغم إبادَتِها الجماعيَّة اليوميّة للشعب الفلسطينيّ الأعزَل في غزة، فإنّها لازالت تستقبِل جحافِل من جُنودها قَتلى و جرحى بالمئات. يستحيل أن تنتَصِر إسرائيل على حماس و لوْ أبادَت شعب غزة بأكملِه، ذلك أنّ المُقاوَمة ثقافَة و عقيدة و فكرة لا يُمكِن السيطرة على قُوّتِها او كبْح جِماحِها، فحماس مُقاوَمة انبَثقت من صميم الشعب الفلسطينيّ صاحب قضية عادِلة و مَشروعة، فَمُقاوَمتُه هي السبيل الوحيد لتحرير أرضَه من المُحتلّ الإسرائيليّ الذي احتلَّها لِما يزيد عن سبعة عُقود.
الأرض أرضٌ فلسطينيّة و ليس لإسرائيل فيها شِبْرٌ واحد، أرضٌ مُحتلّة قاوَم الفلسطينيّون منذُ عام 1948 و لا يزالون من أجل تحريرها و إنشاء دولتهم المُستقِلّة الحرة و عاصمتُها القدس الشريف.
_______

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب