مع انتقاد نتنياهو للجيش.. غالانت في “مشروعه التجريبي”: صواريخ حماس قبل “حمص الرياض”

مع انتقاد نتنياهو للجيش.. غالانت في “مشروعه التجريبي”: صواريخ حماس قبل “حمص الرياض”
هكذا سيظهر اليوم التالي. رشقات الحرب والسياسة تجمعت في جلسة “كابينت الحرب”، الإثنين من هذا الأسبوع. انتقد رئيس الوزراء نتنياهو الجيش وتقدمه البطيء، زعماً، في تحقيق الأهداف. واحتج على تسريح قسم من الألوية من القتال في غزة، وألقى خطاباً عن مفهوم “النصر المطلق”. “كان هذا فظاً ومكشوفاً”، قال لي مصدر ما. غانتس وآيزنكوت استمعا بصبر نافد. فمنذ أسابيع وهما يشعران بأن المداولات الموضوعية من بداية الحرب استبدلت بحملة سياسية بالكامل. وإن الاعتبارات الأمنية تستبدل بسرعة باحتياجات الاستطلاعات، ومناورات نتنياهو، وبلاغات، وتسريبات. وهما يستصعبان مواصلة التجلد.
وزير الدفاع غالانت جاء جاهزاً؛ أطلع رفاقه على وثيقة عرضها في 26 أكتوبر، قبل التوغل البري إلى غزة. وتصف الوثيقة مراحل الحرب المرتقبة، والأهداف والزمن المخصصة لها. والآن، في بداية شباط، عاد غالنت إلى خطة الحرب. ما نفذ خُط بالأخضر. ما نفذ جزئياً – بالبرتقالي. أما الأحمر فكان لون كل ما لم يتحقق. أظهر غالنت بأن الجيش يستوفي الأهداف والأزمنة المخصصة، بالإجمال. تصفية كبار حماس، مثلاً، خُط كـ “نفذ جزئياً”. هكذا أيضاً استكمال الحزام الأمني نحو القطاع (“البروميتر”). الهدف الأهم: تدمير بنى حماس في معظم أجزاء القطاع نفذ بشكل مبهر.
ما الذي كان ملوناً بالأحمر وفشلت فيه إسرائيل؟ كما هو معروف، “اليوم التالي”. إقامة ما يسمى “اللجنة المدنية”، أي قوى أخرى تدير وسط وشمال غزة، بدلاً من حماس. الوضع الحالي المتمثل باستمرار إدخال العتاد والمساعدات الإنسانية وسقوطها في أيدي حماس لا يطاق في نظر جهاز الأمن. وعليه، فقد عرض وزير الدفاع المشروع التجريبي “شمال غزة”.
هاكم ما سيحصل: ستدخل المساعدات عبر حاجزي “إيرز” و”كارني”، وليس من منطقة رفح التي تسيطر عليها حماس. ستصل المساعدات مباشرة إلى تجار فلسطينيين دون وساطة منظمات الإغاثة. وهذا سيتم “من الظهر إلى الظهر” مع شاحنات تدخل من إسرائيل. يفترض أن يبدأ هذا المشروع التجريبي في حي الزيتون: فهو محاصر بقوات الجيش الإسرائيلي. سيكون التجار، بخلاف نشطاء حماس، مراكز القوة الجديدة. وللتأكد من عدم سيطرة حماس بالقوة على العتاد والمساعدات، ستسمح إسرائيل لقوات مع سلاح بحماية هؤلاء التجار. تقول إسرائيل إن الفلسطينيين الذين يحمون المساعدات سيكونون مسلحين عند الحاجة، بإذن الجيش الإسرائيلي. فهل سيكون هؤلاء هم أعضاء أجهزة السلطة الفلسطينية السابقين، أولئك الذين حكموا غزة قبل حماس؟ ربما. “الشاباك” هو الذي يفترض أن يتأكد من التنفيذ. وهذه في واقع الأمر خطة بدأ الجهاز يخطط لها ويدفع بها قدماً قبل أسابيع. من ناحية جهاز الأمن، من الحيوي وقف سقوط المساعدات الإنسانية في أيدي حماس. وزراء كابينت الحرب، بمن فيهم نتنياهو، لم يعربوا عن أي معارضة لـ “مشروع شمال غزة التجريبي” الذي عرضه غالنت. يقدر جهاز الأمن انطلاقه في الأسابيع القريبة.
الأمر المذهل أن هذا لم يحصل حتى الآن. إسرائيل تضحي بحياة مقاتليها ضد حماس بيد، وبيد أخرى، تنقل عتاداً ومؤناً لقطاع غزة مع معرفتها بأنها ستقع في أيدي حماس، وتبقي على حكمها. ينبع التأخير من التأجيل الذي يمارسه نتنياهو؛ وانعدام رغبته في أن يقرر، خوفاً من رد فعل سموتريتش وبن غفير.
مؤخراً، سألت وزيراً إسرائيلياً: لماذا لا يستهدف رجال حماس الذين يظهرون من جديد، بملابس مدنية بالطبع، في شمال القطاع؟ “هم ليسوا محصنين وسيصفون عند الحاجة”، أجاب. بعد يوم، صفي رجل حماس المسؤول عن مرافقة شاحنات المساعدات في رفح.
اركضوا بسرعة، قبل أن ينتهي. الحديث الأكثر حرارة هو عن “الصفقة الكبرى”- التطبيع السعودي. الكثيرون ينشغلون في هذا، في القدس واشنطن أيضاً. قلة يؤمنون بحصول هذا. يقول وزير الدفاع لزملائه في الحكومة، إنه إذا كان الخيار بين السلام مع السعودية واستمرار سحق حماس، فهذا ليس بسؤال: يجب إنهاء حماس قبل ذلك. وإذا اشترط السعوديون السلام بوقف الحرب وإبقاء حماس على قدميها – يقول يوآف غالنت- فيجب أن يقال لهم “لا”، و”لا” لدولة فلسطينية أيضاً.
هذا نوع من الأمور التي لن يقولها نتنياهو إلا بعد أن يراجع الاستطلاعات والبحوث على الهواء؛ أما غالنت فلا وقت له أو رغبة فيه. بعض من رفاقه يتهمونه بأنه “أزعر الحارة” (أشك أنه لقب يخيفه)؛ وهم يقدرون قدرته التنفيذية. مثلما كتب هنا في الماضي، فإن وزير الدفاع هو السياسي الأكثر نفوذاً في هذه الحرب. هناك وحدة خط تامة بينه وبين الجيش الإسرائيلي، وبشكل عام مع “الشاباك” أيضاً. يعتقد أنه يجب تدمير قدرات حماس العسكرية، وأنها أولوية استراتيجية عليا لإسرائيل. هذا لا يعني أنه يعارض تناول الحمص في الرياض، بقطار من حيفا حتى جدة وباقي رؤى الشرق الأوسط الجديد. وهذه الأمور ببساطة لا تعنيه إلا نزراً أمام منصات إطلاق صواريخ حماس في قطاع غزة. على مدى عشرات السنين في الشرق الأوسط، قال الناس بوجوب الصراع ضد الإرهاب والتقدم في المسيرة السياسية بالتوازي. هذا لم ينجح؛ قوة الإرهاب كانت أكثر سرعة ونجاعة من قدرة التقدم إلى التطبيع. تصعد في إسرائيل فكرة جديدة أكثر بساطة؛ وتقترح العمل المتوالي. في البداية تصفية قدرات حماس وإعادة الردع، وبعد ذلك السلام. وزير الدفاع مصمم مثلاً على تفكيك كتائب حماس في رفح.
اسمعوا، يقول الأمريكيون. نافذة الفرص للسلام مع السعودية لا تتكرر، وهي آخذة في الانغلاق. لماذا؟ لأن الجمهوريين بعد لحظة سيحبطون كل تشريع في الكونغرس، ولن يرغبوا في تحسين صفقة إقليمية لبايدن في سنة الانتخابات. وهذا يتعقد أكثر. وإذا انتخب ترامب، فإن الديمقراطيين – الذين يمقتون السعودية على أي حال – لن يؤيدوا التشريع اللازم لتوفير النووي المدني للسلالة السعودية، ولحلف دفاع وصفقات طائرات. يقول الأمريكيون إن السعوديين وافقوا على حلول وسط مهمة للغاية في مجال النووي، تنسجم ومطالب إسرائيل. ولهذا يقول البيت الأبيض إنكم أيها الإسرائيليون ملزمون بسرعة الركض لوقف الحرب (المؤقتة ظاهراً)، والتعهد بدولة فلسطينية والتطبيع والا فسيتبخر هذا وكأنه لم يكن.
هذه حجج جيدة. مصلحة إدارة بايدن واضحة: هي بحاجة ماسة لتخفيض التوتر الإقليمي. مع وبلا صلة، فإن إنجازاً دولياً يتمثل بسلام بين إسرائيل والسعودية لن يضر حملة بايدن الانتخابية التي تراوح في المكان. لكن جهاز الأمن الإسرائيلي وإسرائيل بعامة، شهدت مصيبة 7 أكتوبر. الرغبة في تصفية قدرات حماس ليست تطلعاً سطحياً لـ “صورة نصر”، بل موضوع عميق ومتجذر. وزير الخارجية بلينكن زارنا هذا الأسبوع؛ وقال لكابينت الحرب في 30 تشرين الثاني: “لديكم أسابيع، لا أشهر”. نحن بعد شهرين من ذلك، والحرب تتقدم. تعلم “كابينت الحرب” بأن جزءاً من التصريحات الأمريكية تقال للجمهور المحلي في الولايات المتحدة خصوصاً للنشطاء الديمقراطيين الغاضبين على الحرب.
نداف ايال
يديعوت أحرونوت 9/2/2024