مقالات

من الرعية إلى المواطنة -خواطر عن حكاية الشعب العربي- بقلم د-عزالدين حسن الدياب.

بقلم د-عزالدين حسن الدياب.

من الرعية إلى المواطنة -خواطر عن حكاية الشعب العربي-
بقلم د-عزالدين حسن الدياب.
وأنت تنظر بعين متسائلة إلى الإنسان العربي،في بواديه ومزارعه وقراه ومدنه،تراه مفكراً وسارحاً في أموره الحياتية،ومتعبا بلقمة العيش،وإذا أراد أن يحدثك في شأنه الخاص واليومي،تجده يلتفت يمنة ويسرة،وكأنَ في عالمه أشياء مجهولة،وهناك من يتنصّت إليه فيخاف قول كلمته،أو يخفف صوته،وإذا سألت نفسك،لم هذه الظاهرة في حياتنا العربية،تحيلك إلى سؤال آخر ترى هل هذه الظاهرة وليدة شخصية عربية،كاملة المقومات الاقتصادية والسياسية والثقافية،أم أنك ترى في الحياة العربية الكثير من العِوَج،وأهمها،كما توحي إليك قائلة،فتش عن المواطنة وشروطها،ومقوماتها،فترى الجواب ماثلاً في ذلك الإنسان،الذي يلتفت يمنة ويسرة،يخاف أن يقول كلمته.
تعوّدنا في بيت “سي السيد” عندما نريد الكلام بشأن احتجاج عندما،يخص الأخ والأخت ،الحذر من العقاب، والخوف من غضب الأب والأم والأخ،لأنّ في منزل سي السيد للكلام آدابه،والحديث له مشروعيته في أن تعرف هل حديثك يرضي ناس بيتك: سي السيد أولاً ثم الأم الظهر المكسور،والأخ الكبير،وهكذا وصولاً لقشاش البطون،والذي أغلى منُه ما بكون.ترى هل هذه الظاهرة البيتية في أغلب الأقطار العربية،ماثلة في العلاقة بين الآباء والأمهات والأولاد،أم طرأ عليها التغير والتلون بفعل التغيرات التي طالت مجتمعنا العربي،من الباب
للمحراب؟
هل في كل ماكتبناه يحمل مؤشرات عن تكوين الشخصية العربية،وعن سلوكها الاجتماعي اليومي،في المنازل والحي والمدرسة ؟
لاشك أن فيها مؤشرات ودلالات عن هذه الشخصية،وخاصة عندما نفتقد المؤشرات الخلقية والأدبية التي كانت تحكم العلاقة في بيت “سي السيد”وتعطيك شخصية فيها الحضور والقوة تجاه الآخر،والضعيفة تجاه”سي السيد”.لاسبيل للدخول في معالجة،ما يتأتى من هذه الشخصية من ظواهر سليمة ومعتلّة،فهذه مهمة دراسات أنثروبولوجية نفسية متخصصة،وإنّما أردنا أن نطل على مإذا كانت هذه الشخصية أهلاً لأن نصل من خلالها لشخصية الجيل العربي الجديد،أو نذهب باتجاه شخصية الإنسان الرعية وهذا يتوقف على النظام السياسي ،والسياسة الثقافية التي يتبعها،فالنظم السياسة الباحثة عن المواطنة المالكة للثقافة
المحكومة إلى قيم المواطنة من ألفها إلى يائها،وفي مقدمتها،المساواة بين الناس والعدل الاجتماعي،وحرية الرأي والتنوع وماله من حق الاختلاف،وحق الاختيار ًومن محددات يجب أن لاتمس،وإنما على النظام السياسي دعمها وتوفيرًشروط ازدهارها ونموها وتطورها،وفي حالة توفر هذه الشروط مقرونة بثقافة المواطنة فيً أوضح صورها .
ومباشرة،والقول إنّ ما تقدم يعطينا شرعية القول في الإنسان الرعية،وما تحيط به من ثقافة النفاق والفساد والشخص المدعوم والواسطة التي تشكل قفازة للمدعوم وللشخصية النطاطة التي تقفز من منصب إلى آخر إكثر فائدة ومقداراً،وثقافة الخوف،وغياب القانون،وتسلط الأجهزة الأمنية،المعزّزة بقوة التدخل، في شؤون العباد على هواها،لايطولها القانون،ولاحق الخوة والجيرة….إلخ
ًثقافة “سي السيد” المنقوصة من قيمها الدينية والأدبية،وما لها من أعراف مجتمعية تصون الجرأة في المكاشفة وقول الكلمة،تمهد لثقافة الرعية أن تشب وتكبر،وأن تتحكم في السلوك اليومي للشخصية الرعية.
في الوطن العربي أين نحن من من شخصية المواطنة،وشخصية الرعية،؟
يدلك على هذا الجواب عندما تمر بالقرب من جالسين يتحدثون في الأمور العامة،فعندما تقترب منهم ينظرون يمنةوبسرة ويتكلمون بصوت منخفض،وأنت تسمع كلمة هس تكلم على مهلك،ودردشات تحكي الخوف،وعندما يمر ابن مسؤول يخالف في سياقة سيارته،والشرطي يتجاهل المخالفة،وعندما يمر بسيارته من جانب الشرطي ليناوله المعلوم.هذه مظاهر وإشارات تحكي لك ثقافة الرعية وعلى هذا الأساس نسأل ترى متى ننتقل في الوطن العربي من شخصية الرعية إلى المواطنة،وهل تنبؤك البطولة في غزة أن المواطن هناك يعيش المواطنة العربية المطلوبة لتجاوز شخصة الرعية،نحو الجيل العربي الجديد،ومعه ثقافة المواطنة
بكل تجلياتها وسلوكها اليومي.
د-عزالدين حسن الدياب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب