فلسطينثقافة وفنون

مخيم جباليا —بقلم الشاعر أحمد بشير العيلة

بقلم الشاعر أحمد بشير العيلة

مخيم جباليا
بقلم الشاعر أحمد بشير العيلة
مخيم جباليا
ديناصورٌ كسول
مُمدّدٌ على رقعة أرضٍ
لم يستطع جنودٌ كثيرون أن يسحبوها من تحته
يتمدد كلما شرب من الشمس
الجنود رضوا أخيراً بالأمر الواقع
وتركوا الأرض تحته.
.
الحسرةُ تعتصرُ قلوب ساكنيه
لكنهم مع كثرة آلامهم؛
أمروا شعراءهم وزجّاليهم وفرق الزفاف أن تتغنى بتلك الأرض
لتصبح قيمة
أما الجيوش
فتحاول مصالحة ذلك الديناصور
رامين أمامه آلاف الأطنان من المؤونات والمساعدات
لأنه لو جاع ……
لا أحد يتوقع ما الذي سيلتهمه.
.
مخيم جباليا
مخيمٌ يتصالحُ مع ضده
ويتآلف مع مفترسه
البيوت:
يسندها بشرٌ يكملون دورات حياتهم بابتسامةٍ بليدة
الشوارعُ:
لوحاتٌ من الفن التشكيليّ من مدارس لا تنتهِ
وعباراتٌ تحمل الكثير من الحكمة التي مات قائلوها غيظاً:
كلما ضاقت شوارع المخيم اتسع الأمل
لكن الباعة والتجار والمستثمرين
علقوا بدلاً من الحكمة
خرائطَ شوارع حديثة، وعماراتٍ ومحالٍ وشقق
فنانون معاصرون من خبراء تشكيل الطين إلى قطعٍ موسيقية قالوا:
الشوارعُ الضيقة لابد أن تكون بسُمكِ شعاع صباحٍ قادم
أو بسُمك وترٍ لا يهتز إلا إذا سقط الدمعُ عليه
والبيوت المغطاةُ بالصفيح
متّكاٌ ساخنٌ لقلوبٍ لم تخفق بعد.
التجارُ قالوا:
لتختبيءُ الحكمةُ والفنُ خلف السوق
لكي لا يراها الناسُ والزبائن
فينشغلون عن الشراء.
.
المخيمُ
ديناصورٌ سمينٌ أعمى
على جلده تتورمُ البيوتُ وتنفجرُ بالصغار
أكثرُ ما يقلق نومَ ظهيرتهِ
تلك الأقدام الصغيرةِ التي لا تعرفُ النوم أبداً
وأكثر وقتٍ يزعجه
ويتمنى أن يطلق عقيرته عالياً
هو وقت خروجهم دفعةً واحدةً من مدارس الأونروا
أقدامهم تنمنم جلدهُ السميك
من ثقلهِ الزائد عن الحد
لم يقدر أن يهرش أو ينفض نفسه منهم
إنهم قدر.
.
يا إلهي
كيف يحتمل هذا الديناصور حِملَ هذا العدد من الأبنيةِ والبشر والدواب والسيارات القديمة والقذائف
عجوزان يجلسان قرب مدخل جباليا
يعرفان قصته بالتفصيل
وكعادتهم في الثرثرة والعناد
اختلفا في الوجهة التي جاء منها وبركَ طويلاً هنا
واختلفا على مصدر قدرته على كل هذا الصبر طوال سبعين عاماً
أحدهما قال:
” لعله مات .. إنه لا يحس بشيء”
لكن الآخر جادله في أنه لو مات؛ لَما كبر المخيم هكذا
ثم أن موته سيُصدر رائحةً تقتل كل هذه الناس.
شيخٌ في الجوار قال:
موته سيكون حتماً .. نهايةَ العالم.
منذ ثلاثة عشر عاماً تماماً كتبت هذه القصيدة التي لم تنشر بعد، عن مخيم جباليا وسط شوارعه الضيقة،وأسواقه هائلة الازدحام.
أحمد بشير العيلة
5/6/2011
مخيم جباليا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب