
حادثتان مهمتان لهما مغزى عميق
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ
في هذا الأسبوع، شاهدت وعايشت حادثتان مهمتان متكاملتان إحداهما توصل للأخرى … من المحطة الدائرة الأولى .. إلى محطة حتمية ثانية قادمة ..! ومن مجموع الحوادث الصغيرة نكون قناعات كبيرة .. ثم حدث كبير، المسألة نظرية فكرية … ولكنها في نتائجها تصل لواقع مادي جديد.
الأولى :
سيدة عربية محجبة، كانت تبحث عن قطارها في لوحة الوصول والاقلاع المعلقة في صالة المحطة في عاصمة إحدى البلدان الأوربية المجاورة لألمانيا. كان رجل وزوجته من مواطني تلك الدولة، يبحثان عن رقم رحلة قطارهما والوقت. أقترب الرجل الأجنبي وزوجته من السيدة العربية، وتحدثا معها:” أأنت أيضا تريدين الذهب إلى المانيا ..؟”.
أجابت السيدة العربية : ” نعم “
أجاب السيد وزوجته : ” نحن أيضاً .. نحن ذاهبان للاشتراك بتظاهرة ضد الحرب الصهيونية ..!
الثانية :
شاهدت واستمعت لمحاضرة مهمة جداً يبدو أنها كانت منعقدة في وسط سياسي / علمي رفيع المستوى، في الولايات المتحدة على الأرجح، المحاضر كان يتحدث بموضوعية تامة ليست معادية لإسرائيل، فاتني أن أسجل المحاضرة، وخلاصة المحاضرة: يحث المحاضر الحضور وإسرائيل (القيادات الإسرائيلية)، على التفهم، أن عام 2024 هو غير ثلاثينات وأربعينات القرن المنصرم، العالم والحياة قد اختلفا بنسبة كبيرة جداً، عالم اليوم لا نصيغه نحن فقط، فعالم اليوم يضم قوى وكتل لا نستطيع فرض ما نراه ونعتقده عليها، الوضع الديمغرافي المحيط بإسرائيل تغير بنسبة تفوق على 800%، الوضع الاقتصادي تغير بذات النسبة أو أكثر، التعليم والثقافة، قد تضاعف مرات ومرات، كل شيئ يتغير بسرعة شديدة والموقف ليس لصالح إسرائيل، وعليها أن تفهم هذا الأمر تماماً وتضع حساباتها وفق المعطيات الجديدة.
بصراحة الوقت لا يدور في صالح إسرائيل(الكلام للمحاضر)، ولديها الدليل الأكيد على ذلك وهو أن حربها في غزة فاشلة تماماً، وأبرز ما توصلت له إسرائيل أنها وبعد حرب استخدمت فيه أقصى درجات القوة، واقصى درجات المبالغة في القتل والتدمير، وأقصى حدود مخالفة القوانين الدولية، وبالرغم من ذلك لم تنجح في حل المشكلة لا في جذورها، ولا حتى في سطوحها، فهي لم تتمكن حتى من فك أسراها، رغم أن الفلسطينيون والعرب، لا يقاتلون حتى ب 10% من قواهم ..! هم يعدون لليوم الأخير، (وكل عاقل يفعل ذلك) وهذا ما تحسبه إسرائيل نفسها وتخشاه، وهي بحاجة لجيل جديد يتفهم المشكلة بعمق. الجيل المؤسس لإسرائيل على وشك أن ينقرض، إسرائيل لم يعد لديها حد أقصى … فقد استخدمته وبإسراف شديد وتجاوزت كل الحدود، وبعد اليوم لا يمكنها الحديث عن الهولوكوست، والغرب قد تحول ضدها بشكل كبير وحاسم وهذا مهم جداً. والمواطن الإسرائيلي لم تعد الحياة جذابة له في إسرائيل ، بل بالعكس منفرة. ولذلك هو يهاجر. ونراهم بكثرة في ألمانيا والقلق يملأ وجوههم.
إنها لعبرة … عبرة كبيرة، أن ينهار كيان صرفوا عليه مئات المليارات، وألاف الطائرات المقاتلة، والملايين الاطنان من الحديد وجهد خرافي … سينهار لأنه يفتقر لمقومات البقاء … والعلة ليس في نقص الإمدادات … بل لنقص فاحش بالشرعية ….!
أتراهم يعقلون …!
الزمان اللندنية : 8 حزيران