كوريلا في تل أبيب وشويغو في طهران و”اللعبة تتعاظم”.. والأخطر في لبنان

كوريلا في تل أبيب وشويغو في طهران و”اللعبة تتعاظم”.. والأخطر في لبنان
عاموس هرئيل
قبل تصعيد متوقع في الشرق الأوسط يرقص الطرفان رقصة معقدة من التلميحات والتهديدات. أمس، وصل الجنرال مايكل كوريلا قائد قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي، إلى إسرائيل لتنسيق الاستعدادات الدفاعية لصد الهجوم المخطط له. أما رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، سيرجيه شويغو، فقد زار طهران؛ فالدول العظمى باتت جزءاً من اللعبة.
حسب جهات إيرانية رفيعة وفي مقالات لوسائل الإعلام هناك، يبدو أن النظام يحاول بلورة طريقة الرد. فمن جهة، طهران ملزمة بالرد على ما اعتبرته إهانة (اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في الوقت الذي كان فيه ضيفاً على حرس الثورة بمناسبة تنصيب الرئيس الجديد). ومن جهة أخرى، إيران ولا سيما الرئيس الجديد مسعود بزشكيان، يبدو أنه غير معني بحرب إقليمية. من المؤكد أن إيران سترد، لكن لا تأكيد على أن الضربة ستكون أشد من هجوم الصواريخ والمسيرات في نيسان الماضي.
لكن سلوك حزب الله هو ما يثير القلق. هذه المنظمة يبدو أنها مصممة على الانتقام لدماء من تصفه إسرائيل رئيساً لأركان المنظمة. الهجوم من لبنان قد يوجه لأهداف عسكرية واستراتيجية في شمال البلاد وفي المركز، وسيشمل إطلاق نار كثيفاً بحجم لم تشهده إسرائيل. التهديد من لبنان أخطر من التهديد الإيراني، بسبب عدد الصواريخ التي يملكها حزب الله، ووجود عدد غير قليل من الصواريخ الدقيقة التي يحتفظ بها، والمسافة القصيرة نسبياً مع إسرائيل.
على هذه الخلفية، هناك استعداد عال في منظومة الدفاع الجوية وسلاح الجو، التي ستساعد في اعتراض المسيرات. وثمة استعداد دفاعي آخر يتعلق بحماية الشخصيات الكبيرة. إزاء ما تنسبه إسرائيل لإيران وحزب الله، فإنهما قد يعملان بنفس الصورة. ستضطر إسرائيل لفحص ردها وفقاً لقوة النيران وحجم الأضرار، من لبنان ومن إيران ومن ساحات أخرى مثل العراق واليمن. الخطر الرئيسي لاندلاع الحرب الإقليمية يتعلق بجولة لكمات تتفاقم، حيث يختار كل طرف تصعيد رده إلى حين اندلاع المواجهة الواسعة.
السخاء الأمريكي، باستمرار تسيير قطار جوي وبحري ووسائل قتالية وسلاح وصلت في الأسابيع الأولى للحرب، يلقي ضوءاً غير متعاطف على نكران الجميل الذي أظهرته قيادة إسرائيل. وليس بصدفة أن طلب الرئيس الأمريكي من نتنياهو التوقف عن “بيع الهراءات” له، في المحادثة الهاتفية الأخيرة.
يراهن نتنياهو، كما يبدو، على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني، وهو على قناعة بأنه سيتغلب على الضغوط التي تستخدمها أمريكا. يجب الاعتراف، لقد نجح في ذلك حتى الآن. رئيس الحكومة يؤخر تنفيذ صفقة التبادل منذ أشهر. لقد أطال الحرب رغم أنف الإدارة الأمريكية، ثم أرسل الجيش الإسرائيلي لاحتلال محور فيلادلفيا ومناطق في رفح. على المدى البعيد، يخاطر نتنياهو بحدوث أزمة خطيرة مع الديمقراطيين، بالتأكيد إذا فازت كامالا هاريس في الانتخابات. في مثل هذه الحالة، ربما يواجه توتراً على صيغة أزمة الضمانات في فترة بوش – شامير، في بداية التسعينيات.
استنتج بايدن بأن نتنياهو يؤخر عقد الصفقة بشكل متعمد، وأن ليست لديه أي رغبة في تنفيذها. يبدو أنه الاستنتاج ذاته لدى رؤساء جهاز الأمن في إسرائيل، الذين فعلياً فقدوا الأمل في التقدم في المفاوضات في القريب، خصوصاً على خلفية التصعيد أمام إيران وحزب الله.
في الفترة الأخيرة، ينتشر تقدير متفائل يقول إن الاغتيالات الأخيرة، بالذات في طهران وبيروت، ستسهل على نتنياهو التوصل إلى الصفقة من موقف قوة؛ ثمة شك كبير في ذلك. والمؤكد هو قلق رئيس الحكومة على بقائه السياسي في المقام الأول، لذلك رفض أي تقدم. أما رئيس حماس السنوار، فتضاءلت لديه الدافعية لعقد الصفقة، حيث إمكانية اندلاع حرب إقليمية باتت على كفة الميزان، التي ستجسد ما كان ينوي تحقيقه في مذبحة 7 تشرين الأول.
تهديدات إيران وحزب الله بإغلاق الحساب مع إسرائيل تثير التخوفات لدى الجمهور، وبعض وسائل الإعلام تتوسل للحكومة لإعطاء تعليمات للجيش الإسرائيلي بتنفيذ ضربة استباقية للجبهتين. وهناك سياسيون ينضمون لهذا الطلب، بما في ذلك المرشحون لمنصب وزير الدفاع، الذين يخططون لهجوم شامل في إيران. هذه التوقعات والخطط تعكس عدم خبرة مقلقا في وضع الجيش وقدرته. عملياً، هناك سبب للحذر الذي يتخذ الآن، والأمل في وجود إمكانية لإنهاء هذه الجولة بسيناريو أصغر من حيث أبعاده لمنع حرب شاملة. بدأ الجيش الإسرائيلي يتصل مع الجمهور حول طبيعة التوترات الجديدة والإجابة عن أسئلة حول استعداد الجبهة الداخلية. الحكومة ببساطة غائبة عن الصورة باستثناء تهديدات فارغة يسمعها رئيس الحكومة ووزير الدفاع. وسقف التوقعات من الحكومة هبط إلى الصفر تقريباً، وحتى الآن هذا واقع مدهش جداً بعد عشرة أشهر على الحرب، في وقت لم يعد معروفاً تسيير رحلات من إسرائيل وإليها في الفترة القريبة القادمة، ويضطر المواطنون لجمع المعلومات بأنفسهم.
هآرتس 6/8/2024