مقالات

 شيطَنةُ الملائكة !! تجمع طلبة الرافدين في المهجر

تجمع طلبة الرافدين في المهجر

 شيطَنةُ الملائكة !!
تجمع طلبة الرافدين في المهجر
طلبة وتلاميذ المدارس، هم عماد مستقبل البلد ومصدر نهوضه في كل الأمم، أولئك الذين ما زالوا يحملون براءة الملائكة بداخلهم، وهم أصحاب العقول الصافية النقيّة التي علينا أن نغرس فيها القيّم والمباديء والأخلاق الحميدة التي نستمدّها من مبادئ ديننا السمحاء وفضائلها وقيم مجتمعنا العربي ليكونوا رجالاً يبنون مستقبلهم ومستقبل بلادهم، وهؤلاء عقولهم تكون كصفحات بيضاء نحن نكتب أول الأسطر فيها، كما قيل بالأثر “العلم في الصغر كالنقش على الحجر”. وهذه المرحلة تتضح أهمية ماذا ينبغي وكيف نقوم بعملية التربية والتعليم للنشئ الجديد.
هذه المقولة تشبه العقيدة القائلة بأن الأطفال هم كالإسفنج، إذْ يمكن أن يمتصّوا المعرفة بسرعة وسهولة وهنا يجب أن نكون جادّين في صلاحهم وتربيتهم على الوجه الصحيح، فإمّا أن نجعل منهم صالحين يُحبّون بلادهم وشعبهم، وإمّا أن نجعل منهم مُجرمين يعيثون في الأرض فساداً.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو حال طلبتنا وتلاميذ مدارسنا في عراق اليوم ؟!
فالكثير من الطلبة وتلاميذ المدارس اليوم ينقسمون إلى مجموعتين، الأولى من الذين شُرّدوا وهم يسكنون المُخيّمات كلاجئين بعد أن أُجبروا على التهجير وهُدّت بيوتهم فوق رؤوسهم فتشرّدوا، لذلك نجد بان أغلبهم نشأَ أُميّاً لأنه ترك وهجر مقاعد الدراسة بعد أن صار يتيم الأم والأب وراح يسعى وراء لقمة عيشه ليسدّ رمق جوعه وجوع أخوته اليتامى الأصغر منه، بعد إن وجد نفسه فجأةً بانه قد اصبح المعيل الوحيد لهم. وهو في هذا العمر الصغير من عمره، بعد أن فقد والديه تحت أنقاض منزلهم !!. والمجموعة الثانية من الطلبة التي يتم تجنيدها في المدارس وتدريبها على حمل السلاح والقتل تحت مسوّغات بعيدة عن المواطَنة وغالباً ما تكون طائفية. فهم يغرسون في عقولهم البريئة التوجهات البعيدة عن هوية الوطن العراقي والمجتمع الواحد وانما اعدادهم ليكون الولاء للفئة او الطائفة او العشيرة أهم من الولاء للوطن، وللأسف فان ذلك الغرس الخبيث ستكون نتائجه على الطلبة والتلاميذ كارثية إن لم نتداركه بالوقت المناسب.
فطلبة وتلاميذ المجموعة الثانية سيحملون السلاح مستقبلاً ليقتلوا طلبة وتلاميذ كل فئة اخرى لا تنتمي لهم، وفي مقدمتهم كل من لا يعتقد بما يعتقدون به حتى من ابناء نفس طائفتهم، كما سيحملون السلاح ضد المجموعة الأولى الذين دمّرت حياتهم عن سابق قصدٍ وترصّد!!
لذا فان هذا الامر خطير جداً لو تفكّرنا جيداً بأبعاده المستقبلية ونتائجه على بلدنا الحبيب وعلى السلم المجتمعي فيه. فالتلاميذ الذين يتم تجنيدهم اليوم وتدريبهم على الوحشية والقتل، سيحملون السلاح غداً ليس من أجل العراق والدفاع عن سيادته واستقلاله، بل سيكون ولاؤهم الأول للجهة التي تقوم بتدريبهم ويعادون ويقاتلون من عاداها. انها كارثة ان يُبنى الجيل المقبل وفق ارادة جهات تحمل السلاح خارج مؤسسات الدولة الرسمية، بأفكارها العِرقية او الإثنية او الطائفية والتي تسعى إلى تطبيقها وفرضها بالقوة على أبناء باقي الطوائف او الشرائح المجتمعية، المتعايشة معها ضمن حدود الوطن الواحد.
ومن هذا المنطلق، نستغرب سكوت منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية، وخصوصا منظمة اليونيسكو للتربية والعلوم والثقافة،عن مثل هذه الممارسات المخالفة لكل الأعراف الدولية التي تحكم التربية والتعليم والثقافة بالعالم والتي تستهدف طلبة وتلاميذ العراق تحديداً. ونطالبها نحن ابناء العراق ان تقف موقفاً حاسماً من قضية تجنيد الطلبة والتلاميذ في العراق، وانخراطهم غير المسؤول في مجاميع مسلحة خارج نطاق الدولة تدين بولاءات ضيقة غير معنية بالوطن العراقي الكبير، وعلى الحكومة العراقية ان تتحمل مسؤلية ماتقوم به تلك الجهات من ممارسات لعسكرة المؤسسات التربوية والتعليمية ونتائج ذلك على تقويض السلم المجتمعي.
ولا يخفى على الجميع ان هذا الأمر في غاية الخطورة على بنية المجتمع مستقبلا وعلى وحدة نسيجه الاجتماعي الذي ساده الانسجام والتماسك طيلة تاريخ العراق منذ تاسيس الدولة العراقية عام 1921م. وينبغي على كل وسائل الاعلام الوطنية التنبيه والتوعية على مخاطره، كما وينبغي التحرّك السريع على المنظمات الإنسانية الدولية ذات الصلة واعلامها بما يجري في مدارسنا، ولتكن لنا وقفة جادّة من أجل مستقبل بلادنا وأبنائنا، وأن نمنع بحزم شيطنةُ الملائكة .
تجمع طلبة الرافدين في المهجر
20/8/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب