
قراءة في كتاب :أكرم الحوراني كما أعرفه.
تأليف أ.د-عزالدين. حسن الدياب
المقدمة في تشكيل المنهج*
كان عقد الأربعينات والخمسينات من الألفية الثانية،عقد التحرر ونضج الحركة القومية العربية.
لست في أسابها ودواعيها،فقد أشبعت درساً وتحليلا وتفسيراً وكثرت معها الجهات التي تناولتها بالتحليل وًضع المعاني لها.كل اتجاه وفكر كان له شأنه وغاياته وتأويلاته،ووضع المعاني التي يريدها،إما بدافع المنهج والموضوعية،أو بمنطق الرغبة ومقاصدها وغاياتها.
إذا؛ماذا نريد من هذه الومضة المُقِلَة،نريد أن نقول بكل اختصار مفيد ومقل،إنّه كان العصر الذهبي للحركة القومية بكل اتجاهاتها ومحاورها وفصائلها،وخاصة،وبموضوعية،حزب البعث العربي الاشتراكي،وكان جيلنا،ومن قبل ومن بعد بقليل،جيل تلك الفترة،الجيل الذي يسرح ويمرح نضالياً،على الساحات العربية الوطنية،في مشرقه ومغربه،وإن تفاوت زخم هذا الحراك من قطر إلى قطر، لكنه الجيل الذي أسقط العديد من الحكومات/الوزارات،وأسقط أحلافها وتكتلاتها.
أنا واحد من هذا الجيل الذي استنهضتني أحداثه وصراعاته،وفي القلب والمركز القضية الفلسطينية،وكان لوالدي وعائلتي بصمتهم في مسيرتي،حتى كنت الواقعة أو الظاهرة التي أسست حكاية جيل.
ومرّة ثانية لم هذا الكلام،لأقول إني واحد من هذا الجيل الذي عرف المناضل القومي والسياسي الكبير أستاذي أكرم الحوراني يوم كان يأتي إلى قريتي بسيرين،زائراً في حملة انتخابية،وكانت عائلتي آنذاك كلها أكرمية،وكانت تنصب له بيت الشعر على بيد العائله الجنوبي.
وأذكر أن في لقائي الأول به أن صعدت على كرسي من خشب وألقيت قصيدة،تسمى بعرف المدرسة” إستظهار”هذه الخلفية كانت معي وًرائي وأنا أكتب كتابي :أكرم الحوراني كما أعرفه،وأبدأه بتشكيل المنهج،لأن أكرم الحوراني بالنسبة لجيلنا”كان ظاهرة سياسية لها علاقات جمة،وأواصر قُرْبى بالبناء الاجتماعي لمحافظة حماه،بوصفه مستوى القربى الجهوية أو المحلية،التي تكونت فيه شخصية أكرم الحوراني في مرحلة الشباب،فقامت بينه وبين سكان المحافظة أواصرقربى متنوعة في مضامينها، مختلفة في مستوياتها،واعتمادا على هذه العلاقة أخذ يؤسس حزبه ونشاطه وبرنامجه السياسي،وينظم علاقاته وتحالفاته مع المجتمع السوري،إنطلاقاً من أنّ البناء الاجتماعي “الحموي” جزء لايتجزأ منه وهو يمثل القربى الثاني،ومع الوطن العربي ،وهو مستوى القربى الثالث.إذاً،عندما نحاول تفسير الحوراني،بوصفه ظاهرة سياسية،
فإننا نقصد أن ننقب في خلفيته الفكرية بالقدر الذي يدعم معرفتنا به،وإن نضع إيدينا على جذوره الاجتماعية،حتى نستشعرنزوعه السياسي والاجتماعي،وتوجهه الطبقي،وصُدقية نضاله السياسي والاجتماعي،والمواقف التي تأثر بها،وكذلك مواقفه المبدئية التي عِرف بها،وجعلته ينهي حياته منفياً.
والجدير بالقول إن معرفة الحوراني،حتى تأخذ وجهتها الصحيحة،لابد أن تحقق مستويات عدّد من المقاربات الاجتماعية والأنثروبولوجية،التي بغيرها لايمكن أن نفهم ذاتيته ونُنْصِفهُها،ونكتشف مصادره الفكرية،التي ركّبَ منها نسقه الفكري،وصاغ مذهبه العقائدي والسياسي وسأترك للقارئ متابعة هذه المقاربات داخل تأليف المنهج.
*
*د-عزالدين دياب-الطبعة ألأولى-1998-الناشر -دار بيسان-
لبنان -بيروت
د-عزالدين. حسن الدياب