الصحافه

مع تصريحات لمقربين من نتنياهو حول استئناف الحرب بعد تتويج ترامب باتفاق مع لبنان دون غزة.. ماذا عن الخلاف الإسرائيلي بين مؤيد ومعارض؟

مع تصريحات لمقربين من نتنياهو حول استئناف الحرب بعد تتويج ترامب باتفاق مع لبنان دون غزة.. ماذا عن الخلاف الإسرائيلي بين مؤيد ومعارض؟

صوت ضجة الأبواق بشر كالعادة باتجاه القرارات، منذ اللحظة التي بدأ فيها كثير من المراسلين في وسائل الإعلام المتماهية مع رئيس الحكومة في التحدث هذا الأسبوع عن مباركة الاتفاق الذي يلوح في الأفق مع لبنان، كان من واضحاً أن الحكومة تعمل على وقف إطلاق النار في الساحة الشمالية. حتى الآن، بقيت عدة إجراءات بيروقراطية، على رأسها عقد الكابنت الثلاثاء، وتوضيحات أخيرة يجب على إسرائيل إنهاؤها مع الوسطاء الأمريكيين، لكن هناك احتمالية عالية بأن يكون التوقيع على الاتفاق في الأيام القريبة القادمة.

إذا لم يحدث أي تغيير في اللحظة الأخيرة، يبدو أن التفاؤل الذي حرصت إدارة بايدن على نثره خلال أشهر أصبح أخيراً قريباً من التحقق.

بعد 14 شهراً من القتال، تقف إسرائيل أمام إنهاء المواجهة مع حزب الله. وما لا يقل أهمية عن ذلك، أن غزة بقيت وحدها كجبهة رئيسية أخيرة، ولم يبق لحماس أي دعم من حزب الله.

في هذه النقطة، ربما يتطور خلاف آخر في إسرائيل بين الذين يطالبون بالنصر المطلق على حماس، والذين يقولون بوجوب بلورة صفقة في غزة أيضاً. الأوائل يؤيدون حرباً بلا نهاية في القطاع، أمات الآخرون فيعتقدون بأن إسرائيل إذا أنهت الحرب في الشمال بدون هزيمة العدو الأقوى فستسمح لنفسها بالموافقة على صفقة في القطاع، التي قد تنقذ حياة نصف المخطوفين، الذين ما زالوا على قيد الحياة، حسب التقديرات.

تعمد وزير الأمن الوطني بن غفير، إبعاد نفسه عن أي خوف من الاتهام بالانهزامية، وأعلن أمس بأنه أوصى نتنياهو بالاستمرار في الحرب في الشمال حتى هزيمة العدو بشكل مطلق. ولكن عملياً، حتى بن غفير، لا يهدد بالانسحاب من الائتلاف إذا تحقق الاتفاق. مثلما في قضية صفقة المخطوفين الأولى قبل سنة بالضبط، يتملص بن غفير من مسؤوليته عن النتائج، لكن ليس بثمن التنازل عن الكرسي. معظم الوزراء في الكابنت قد يؤيدون الاتفاق، رغم أن الصورة لدى الجمهور أكثر تعقيداً، خصوصاً في أوساط سكان الحدود الشمالية. كثيرون منهم من مصوتي اليمين الذين يخشون من أن ما تم فعله غير كاف للقضاء على تهديد حزب الله.

تاريخ انتهاء الصلاحية

من بين أقوال الأبواق في صفحة الرسائل التي تملى عليهم، يفضل الاستماع إلى العميد احتياط آفي إيتام، وهو من المستشارين غير الرسميين لنتنياهو، فقد وصف الاتفاق الآخذ في التبلور بـ “هدنة مؤقتة لستين يوماً”، وعلينا بعدها رؤية ما سيحدث. في مقابلة مع “كان”، تطرق إيتام إلى المرحلة الأولى في الاتفاق، التي قد يحدث فيها في الوقت نفسه بانسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، ومغادرة حزب الله للمناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، ودخول الجيش اللبناني بالتدريج إلى المنطقة. برر إيتام سعي نتنياهو لعقد الاتفاق في هذا الموعد بالذات بالعلاقة مع الأمريكيين. إدارة بايدن، حسب قوله، تستخدم الآن بالفعل حظراً جزئياً للسلاح لإسرائيل. وفي الوقت نفسه، تمتنع عن استخدام الفيتو على قرارات مناهضة لإسرائيل في مجلس الأمن.

حسب إيتام، إسرائيل بحاجة الآن إلى تقليص أخطار الحرب والامتناع عن أي تصادم زائد مع الرئيس التارك وانتظار دخول الرئيس المنتخب، ترامب، إلى البيت الأبيض عند أداء اليمين في 20 كانون الثاني القادم. من المهم المعرفة بأن إيتام لم يوص سكان مستوطنات المنطقة الشمالية بالعودة إلى بيوتهم بعد التوقيع على الاتفاق. فقد اقترح الانتظار بضعة أشهر إلى حين اتضاح الصورة. ولم يستبعد استئناف الحرب بعد تتويج ترامب. وحسب قوله، ربما تمتد الحرب لسنتين إلى حين توجيه الضربة القاضية لحزب الله.

في المقابل، قدرت بعض الجهات الرفيعة في جهاز الأمن مؤخراً بأن هناك احتمالية جيدة لعدم استئناف الحرب في الشمال. وقالت هذه الجهات في محادثة مع الصحيفة، بأنه حزب الله سيحاول بدعم إيراني ترميم قدرته العسكرية، وسيفضل الامتناع عن مواجهة مباشرة مع إسرائيل. كما كان واضحاً منذ أشهر، الاتفاق النهائي المقترح يشبه بشكل كبير قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي أنهى حرب لبنان الثانية في 2006.

تطبيق غير انتقائي

تأمل إسرائيل بوجود محاولة دولية حقيقية لتنفيذ الاتفاق هذه المرة. الفرق المهم للأفضل يتعلق بدور الولايات المتحدة في تنفيذه. فالولايات المتحدة سترسل لإسرائيل رسالة مرفقة بالاتفاق، تعترف بحقها في مهاجمة لبنان في حال خرقه حزب الله، بل سيقوم الأمريكيون بدور رائد في إجراءات التنفيذ والرقابة على الاتفاق. يبدو هذا بداية جيدة، ستكون مدعومة بالتزام أعلى من دول أوروبا الغربية.

سيكون امتحان إسرائيل في التصميم على تنفيذ الاتفاق في الأشهر القادمة، وحتى في السنوات القادمة. هذا أمر لا يتعلق فقط بمنع الاعتداء المباشر من الحدود، بل أي محاولة لحزب الله من أجل التمترس مجدداً في جنوب لبنان، أو تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان. حتى اندلاع الحرب، ضبطت إسرائيل نفسها إزاء معظم العمليات التي نفذها حزب الله، باستثناء نقل قوافل السلاح التي هوجمت في سوريا، لأنها فضلت الحفاظ على الهدوء على الحدود الشمالية تقريباً بأي ثمن.

هذه المعضلة ستزداد مع مرور الوقت بعد وقف إطلاق النار. فأثناء احتلال قرى جنوب لبنان، كشف عن منظومة ضخمة بناها حزب الله استعداداً لهجوم مفاجئ على الحدود. بعد كشفها، ستجد الحكومة الإسرائيلية صعوبة في ضبط نفسها إزاء محاولة إعادة بناء هذه المنظومة من جديد.

يكمن في الخلفية بين نتنياهو والقيادة العسكرية العليا، المنقسمة حول قضايا كثيرة، التقاء مصالح بفضل التوقيع على الاتفاق مع لبنان؛ فهيئة الأركان قلقة من تآكل القوات النظامية وقوات الاحتياط بعد حرب طويلة. ونتنياهو معني بالمضي بقانون الإعفاء من الخدمة بضغط من الأحزاب الحريدية، الشريكة في الائتلاف. وإذا استمرت الحرب في الشمال، فسيبقى هناك عبء ثقيل على المنظومة القتالية، والحاجة إلى تجنيد قوات أخرى في الاحتياط. هذه العملية ستظهر الظلم الكامن في ترتيبات إعفاء الحريديم، وربما توقظ الاحتجاج ضد الحكومة من سباته. في المقابل، وقف إطلاق النار في الشمال سيقلل العبء بالتدريج، وربما يمكن الجيش من إرسال قوات نظامية إلى الجنوب، حيث لا يظهر رئيس الحكومة أي إشارة بأنه يسعى إلى وقف إطلاق النار وعقد صفقة التبادل، بل هو معني بمواصلة الحرب لفترة طويلة ضد حماس.

عاموس هرئيل

هآرتس 26/11/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب