دونالد ترامب… غرينلاند جزيرة الكنز!
دونالد ترامب… غرينلاند جزيرة الكنز!
دائماً ما أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجدل بتكراره الحديث عن رغبته في شراء غرينلاند، أكبر جزيرة في العالم، التي تتمتّع بحكم ذاتي لكنها تتبع التاج الدنماركي. يرى ترامب أن غرينلاند تمثل «ضرورة مطلقة» لأمن الولايات المتحدة القومي ولتحقيق الحرية العالمية. وكان قد ناقش شراء غرينلاند في ولايته الأولى. وبعدما نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» تقريراً عن مداولاته الخاصة حول هذه المسألة، رفض المسؤولون في الدنمارك وغرينلاند الفكرة. وقالت وزارة الشؤون الخارجية في غرينلاند في ذلك الوقت: «نحن منفتحون للعمل، وليس للبيع».
الرغبة الأميركية في ضم غرينلاند ليست جديدة، إذ حاولت الولايات المتحدة شراءها منذ منتصف القرن التاسع عشر. تُعتبر الجزيرة موقعاً إستراتيجياً، ليس فقط لموقعها القريب من القطب الشمالي، حيث تتصارع الدول الكبرى على النفوذ، بل لأنها غنية بالموارد الطبيعية التي أصبحت محط أنظار القوى العالمية، خصوصاً مع تزايد الطلب على المعادن النادرة التي تدخل في التقنيات الخضراء والطاقة المتجددة.
تُعدّ غرينلاند إحدى أغنى المناطق عالمياً بالمعادن النادرة التي تُعتبر ضرورية لصناعة السيارات الكهربائية، وتوربينات الرياح، وأشباه الموصلات المستخدمة في الإلكترونيات المتطورة. من بين هذه المعادن نجد النيوديميوم والديسبروسيوم، وهي معادن أساسية في المحركات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية. كما تحتوي الجزيرة على النيكل، الكوبالت، والزركونيوم، بالإضافة إلى الذهب واليورانيوم.
مع التغيرات المناخية وذوبان الجليد الذي يغطي 80 في المئة من مساحة الجزيرة، أصبحت هذه الموارد أكثر قابلية للاستخراج، ما فتح المجال لما يُشبه سباقاً عالمياً لاستكشاف هذه الثروات. لكن التحديات البيئية والسياسية، إضافةً إلى مقاومة السكان المحليين، تعيق تنفيذ عدد من المشاريع.
تُعتبر المعادن النادرة حجر الزاوية في التحول نحو الطاقة المتجددة والاستغناء التدريجي عن الوقود الأحفوري. على سبيل المثال، يعتمد تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية على النيكل والكوبالت والليثيوم، بينما تتطلب التوربينات العملاقة المستخدمة في مزارع الرياح معادن مثل النيوديميوم والديسبروسيوم. وفي ظل التفوق الصيني على السوق العالمية لهذه المعادن، تسعى الولايات المتحدة والدول الغربية جاهدةً إلى إيجاد بدائل تعزز أمنها الاقتصادي والإستراتيجي. ويتزايد هذا السعي مع تصاعد التوترات التجارية بين الجانبين، خصوصاً بعدما فرضت الصين قيوداً على تصدير بعض هذه المعادن إلى الولايات المتحدة، رداً على قرار واشنطن بمنع تصدير شرائح HBM المستخدمة في تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى الصين.
تطمح غرينلاند لاستغلال ثرواتها المعدنية لتحقيق الاستقلال المالي عن الدنمارك، إلا أن الكلفة السياسية والبيئية لهذا المسعى قد تكون باهظة. فقد أبدى السكان المحليون، ومعظمهم من السكان الأصليين، مخاوف كبيرة حيال تأثيرات التعدين على الطبيعة وهويتهم الثقافية، وفقاً للتقارير المحلية. وفي بعض الحالات، نظموا حملات احتجاجية قوية نجحت في إيقاف مشاريع تهدد مجتمعهم، مثل مشروع تعدين اليورانيوم. ومع أن غرينلاند تطمح إلى الإفادة من مواردها لتحقيق نهضة اقتصادية، إلا أن الواقع يشير إلى أن استغلال الثروات الطبيعية غالباً ما ترافقه تحديات معقدة في عالم تحكمه المصالح الكبرى.