![](https://sawtoroba.com/wp-content/uploads/2025/01/DURGAM.jpg)
احذروا التزوير والتقليد
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ / برلين
منذ بداية دراستنا للقانون عام 1961، قال لنا أساتذتنا وكانوا جهابذة في العلم والخبرة والتدريس، قالوا لنا أن الصورة وشريط التسجيل لا يمكن الاعتماد بها كدلائل جرمية قاطعة أمام المحاكم.
قام بتدريسنا ضباط شرطة شباب، كانوا قد تلقوا علومهم في فروع أعمال الشرطة في الولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا، وأن جهاز كاشف الكذب وهو اختراع أمريكي، لا يمكن الاعتماد عليه مطلقاً، ولا يعتمد كدليل مؤكد حتى في الولايات المتحدة. وحين جلبوه للعراق، واستخدموه وجربوه، لم يجدوا فيها نفعاً كبيراً، بل قد يضلل المحققين في عملهم فأهملوه. ولكن بعض الوكالات الامريكية تستخدمه للأستئناس بالرأي والمعرفة، ولكنه ليس دليلاً قاطعاً.
ـــ شخصياً قرأت في مجلة دير شبيغل الألمانية (للأسف لم أحتفظ بذلك المقال أو البحث) أن أمكانية تزوير الصور هي مسألة قديمة تعود إلى الخمسينات، وربما أقدم من ذلك، وقد أطلعت شخصياً على صور، حذفت منها شخصيات، أو أضيف لها شخصيات بتقنية مذهلة حتى في تلك المراحل المتأخرة (الأربعينات والخمسينات).
ـــ تستخدم أجهزة المخابرات من بين جملة الوسائل التقنية منذ السبعينات، أجهزة تسجيل صغيرة يمكن إخفاءها بدقة، والشريط المسجل لا يمكن إعادة أو تعديله، حرصا على الدقة، ورغم ذلك علمت أن أجهزة التسجيل لا يمكن اعتبارها في المحاكم أدلة قاطعة. مع أن أجهزة الاستخبارات تستخدم أجهزة تسجيل الصوت، لا يمكن فتحها والعبث بها.
ـــ تعرضت شخصياً في إحدى المرات، إلى عملية تزوير، إذ قام أحدهم بعمل شريط صوتي لي بدقة مذهلة لا يمكن الشك فيها، وقد جمع (في عملية مونتاج) حروف وكلمات وجمل من حديث طويل لي وصاغ منها حديث مغاير 100% لما كنت قد تحدثت به ….! علماً أن ذلك الشخص لم يكن أخصائياً بل كان هاوياً ولكن على درجة عالية من المهارة، وعلى الأرجح فعل ذلك على سبيل المزاح..
ـــ شخص هاو يقوم بتغير الصور وحتى اللوحات الفنية بدقة عجيبة، والقيام بشطب وتعديل وتصليح، ولا يمكن لأي شخص عادي معرفة ما إذا كانت هذه الصورة أو اللوحة قد تعرضت للتعديل. إلا الخبراء وبأستخدام تقنيات ممتازة.
ــ ولكني أعتقد أن أجهزة التحريات الجنائية المختصة، في الدول الأوربية، وحتى في بلداننا بوسعها اكتشاف التزوير إن بسهولة أو بصعوبة.
ـــ أقرأ أن هناك عصابات تزور العملات والنقود، حتى تلك المعقدة منها كالدولار مثلاً، وبدرجة حرفية عالية جداً، يصعب اكتشافها إلا حين فحص كل ورقة على حدة، وهو أمر غير بسيط.
ـــ كانت إيران تزور العملة العراقية بعد حرب 1991، ولكن التزوير كان رديئاً ويكتشف بسهولة، ومع ذلك لابد أن يتسبب بأضرار. ويتردد أنها تفعل ذلك لحد الآن.
ـــ بوسع بعض الدول المتقدمة في مجال التزوير، عمل جوازات سفر وأختام بدقة كبيرة جداً، لذلك تحاول الدول المتقدمة طباعة جوازات سفرها بطريقة معقدة يصعب تزويرها.
(***) الأخطر والأقذر على الإطلاق هو ما قرأته بالأمس (20 / كانون الاول / 2022)، أن هناك أفراد، أو جهات، تمتلك قدرة فريدة من نوعها، وبوسعها بمجرد الحصول على صورة لرجل أو إمرأة، وإنتاج فلم فيديو إباحي، مع الأشخاص الذين يريدون الإساءة لهم، وهو التزوبر الأخطر على الإطلاق .. من خلال تقنيات مرعبة، التي تهدف للإساءة إلى الشخصيات، وقد تدمر حياة البشر.. تخيل أن يصنع فيديو إباحي لشخص معين من صورة واحدة فقط وينخدع به الجميع.
عالم الكومبيوتر بقدراته اللامتناهية يساهم بدرجة مؤثرة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، ومن يبحث جيداً في الكومبيوتر والانترنيت، يلاحظ أفلاماً طويلة سياسية وثقافية واجتماعية وفنية، متفاوتة بالدقة والجودة، ولكن بعضها يدخل في إطار الجنس والابتزاز، والإساءة، وإذا علمنا أن هناك أكثر 30 مليون موقع عبر العالم معظمها في الولايات المتحدة، مختصة بصناعة الأفلام، وهناك اليوم مئات ألوف(ما لم نقل ملايين) من التقنيين يمتهنون مهنة العمل على الكومبيوتر والأنترنيت، وإنتاج البرمجيات على أنواعها، وبالطبع بما في ذلك المسيئة منها. وقد تعرفت في أوربا على أشخاص يفعلون الاعاجيب في الكومبيوتر.
حين شرعت بكتابة هذا المقال بعد أن قرأت الفقرة (***) أردت الاستزادة في المعلومات، فذهبت إلى موقع غوغل (بالطبع هناك أكثر من أمكانية الكترونية يتيحها الأنترنيت، بعضها يستخدمها حتى الهواة، وبمجرد أن تكتب على الأنترنيت عبارة البحث عن الصور والتزوير، وخاصة باللغة الأجنبية، ستجد أمامك كم لا يصدق من وسائل التزوير، وثائق وصور زورت بدقة لا تخطر على بالا حتى الخبراء، إلا تقنيات أجهزة الفحص الالكترونية.
أكبر وأغرب عملية تزوير، ونصب على المجتمع، حين يتسلط أحدهم أو جهة ما، على الأدمغة، ويعيثون فيها فسادا …. بحيث يصح القول : أشتروا بعقولنا حلاوة …!
نكتب هذا لنحيط القراء علماً أن عالم التزوير أصبح لا حدود له ..