مقالات

المُبصِرون والعدوان الصهيوني  بقلم بكر أبوبكر

 بقلم بكر أبوبكر

المُبصِرون والعدوان الصهيوني

 بقلم بكر أبوبكر

يمكن أن ترى وتسمع الكثير، وتقرأ وتتعجب مما تراه حول عملية الطوفان الذي اندفع ضد الآلة العسكرية الصهيونية المرعبة والقاتلة للشعب الفلسطيني والعالم، وضد الاعتداءات الإرهابية التي لاتتوقف من الجيش الصهيوني ومستوطنيه تدنيسًا للأرض الفلسطينية كلها وفي المسجد الأقصى والقدس، وهنا مربط الفرس لاغير.

ويمكن لك أن تجد لدى الأحرار المبصرون في العالم أكانوا عربًا أم أجانب مواقف على اليمين وعلى الشمال فيما يحصل. أما فيما يتعلق بالشعب العربي الفلسطيني فإن الموقف موحّد ضد الاحتلال الصهيوني وضد إرهاب المستوطنين وسرقة الارض التي لا تتوقف فيما يراه العالم، الا أصحاب التتبيع!

في طوفان الأقصى 7/10/2023م وبغض النظر عن بعض التحليلات التي تنظر بالأسباب ما بين الصدمة والتساؤل والمفأجاة أو الدهشة، فإنها لقيت منذ اللحظة الأولى توافقًا فلسطينيًا شاملًا، إذ نظرت القيادة الفلسطينية الى السبب أي الى القاتل أي الى المحتل، الى المسبب الرئيس لكل الإرهاب والعدوان، فوجهت نظرها كليًا نحو استمرار العدوان الصهيوني ومنه التدريجي اليومي والثابت والدائم، ولم تنجر هذه القيادة لحالة الإدانة أو الرفض لردة الفعل.

في اتصال وزير الخارجية الأمريكي -الصهيوني كرئيسه-، قال له الرئيس محمود عباس إن: “استمرار الظلم والقهر اللذين يتعرض لهما شعبنا هي التي تدفع بالأمور نحو الانفجار” مضيفًا أن سبب التصعيد المستمرهو “ممارسات المستعمرين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، والعدوان على المقدسات الإسلامية والمسيحية”. وتحدثت كل الفصائل بما فيها حركة فتح بنفس الاتجاه فكانت بيانات مجلسها الثوري ومجلسها الاستشاري كذلك وقادتها أمثال عباس زكي، ومحمود العالول…الخ، وما صدر عن قادة كافة الفصائل، بما يتفق.

فلا يأتينك أحدهم ويوجّه هجومه اليوم أو غدًا ضد هذا الفصيل أو ذاك، وعليه لك أن تقول له إما أن تقول خيرًا -في ظل العدوان الصهيوني- أو لتصمت! ثم انقد وحاسب لاحقًا إن شئت.

من المعلوم أن القيادة الفلسطينية وكافة الفصائل بما فيها “حماس” ومنذ العام 2020 على الأقل قد اختارت المقاومة الشعبية السلمية في مواجهة العدوان الصهيوني الذي لا يتوقف. ولكن الحكومة الصهيونية ومتطرفيها على يمين “نتنياهو” بدلُا من أن يلتقطوا الرسالة، ويمدوا أيديهم للتسوية، وتحقيق استقلال دولة فلسطين المحتلة، أخذتهم العزة بالعدوان والقتل فقرروا احتلال كل الضفة وسرقة كل الأراضي قضمة قضمة كما يرى العربي الحر، وكما يرى العربي الفلسطيني ويسمع ويصمد ويرابط ويجاهد.

خلال الأعوام الثلاثة الماضية وصل الجبروت والكِبر والعدوان والقتل الصهيوني الى حد غير مسبوق أي منذ تحالف “نتنياهو” مع الوزيرين الإرهابيين بن غفير وسموتريش وزملائهما بالكنيست، فذاق الفلسطينيون الويلات قتلا وإرهابًا، وما أدى لظهور كيانات فلسطينية عسكرية تواجه الاعتداءات التي لا تتوقف خاصة في مدينة جنين وأريحا ونابلس وطولكرم والعروب بالخليل.

لقد ساعد التطرف والفاشية والعنصرية داخل القيادة السياسية الإسرائيلية عملية الانتقال من الاعتراف بالفلسطينيين، الى مرحلة إنكار وجودهم أصلًا! وفق خطة سموتريش القاضية بإلغاء الفلسطيني واحتلال كامل أرضه، وساعد هذا التعدي وهذه الجرأة غير المسبوقة الانحدار السياسي العربي نحو التتبيع، وفق اتفاقات ابراهام-ترامب الصافعة للأقفية. والمتعاملة مع مبادرة الملك عبدالله (المبادرة العربية) بالعكس تمامًا.

اليوم ومازال العدوان الصهيوني المتجدد دومًا في بداية امتشاقه “السيوف الحديدية” ضد الشعب الفلسطيني تعلو أصوات مُنكرة تتهم الفلسطينيين بالعدوان!؟ أو لربما يصبح لاحقًا من اتهامهم بالإرهاب من قبل من يدّعون الاسلام أو العروبة تارة، ومتهمين هذا الفصيل بالاسم أوذاك، وتارة متهمين الكل الفلسطيني بما أسموه، ويا للغرابة “تضييع الفرص”!؟

وكأن الدولة الفلسطينية التي قبلها الفلسطينيون على المتاح من فلسطين بين الأيدي، وقذفت بها القيادة السياسية بعيدًا! إنه الانجرارالعربي العجيب للبعض الظاهر وراء التتبيع المُلغي للذات القومية والذات الحضارية للأمة، وتحللًا واضحًا من الواجب والمسؤولية، وفيما جاء مباشرة بعد الطوفان من وقوف بعض القادة السياسيين العرب موقف الصليب الأحمر فيما يحصل!

كان الموقف الفلسطيني واضحًا من جميع أشكال الطيف الفلسطيني -ورغم عديد الخلافات السياسية وفي الأساليب التي هذا ليس أوانها- ولكن الموقف الرسمي العربي لعدد من القادة والكتّاب والاعلاميين قد يُبهرك ويصدمك ويفاجئك ويباغتك، كما فاجأتك “النكسة2” لعيد الغفران كما أسماها الإسرائيليون أنفسهم!

أنظر ما يكتب أحدهم، إنه يقول أن القضية الفلسطينية: “لم يظلمها أحد كما ظلمتها قياداتها وفصائلها التي تؤجر بنادقها ذات اليمين وذات الشمال“؟! مضيفًا أن:”حركة «حما..س» تخرب بيوتها بأيديها مجدداً، خدمةً للمشروع الإيراني، وخلطاً للأوراق في المنطقة، وهي صنعت الأمر عينه نهاية 2008 وبداية 2009 وما سيحدث في الأيام المقبلة، هو تصعيد خطاب المقاومة وآيديولوجيا الإسلام السياسي ومن ثمّ الخضوع واستجرار خطاب المظلومية واستدرار العطف والمساعدات من الدول العربية، ومن أحرق غزة لن يساهم بقرشٍ واحدٍ في بنائها.”

وحين يتحدث الكاتب ذاته عن بلده وموقفها فيقول أنها “رهنٌ بالعملية التفاوضية الواسعة والمعقدة التي تديرها السعودية مع أميركا.“!؟

كاتب آخر في صحيفة الشرق الاوسط أيضًا، وعما أسماها “حرب المتاجرة الجديدة لمصلحة إيران التخريبية” يقول:”الحقيقة أن «طوفان الأقصى» أشبه ما تكون بعملية اختطاف طائرة تضمن لـ«حماس» والفصائل تغطية تلفزيونية لمدة 24 ساعة، ثم ينتج عنها عقوبات ومعاناة لعقود قادمة بحق الفلسطينيين.”

لكن الأشد والأمض والأعجب هو ما يقوله بالتالي عما حصل أنه: “توقيت مشبوه لأن هناك تفاوضا ًسعودياً أميركياً لخلق فرص سلام مع “إسرائيل” تضمن ظروف حياة أفضل للفلسطينيين”!؟

وكأن العربي الفلسطيني يريد أكلًا أدسم! أو ثوبًا أفخم، أوشابكة (انترنتًا) بجيل جديد! بينما حقيقة الأمر التي لا يختلف عليها مُبصران أن الاحتلال الصهيوني لا يلتفت لمتابعيه من أصحاب التتبيع الابراهامي الترامبي بتاتًا، بل يستغلهم للقفز على حق تقرير المصير الفلسطيني رافضًا تحرير الدولة الفلسطينية القائمة تحت الاحتلال.

لا ياسادة، لا يريد الشعب العربي الفلسطيني خبزًا أكثر! او ثوبًا أجمل!؟ فهو شعب غني بكرامته وأمته التي لا يكف مطلقًا عن التدثر بحضارتها ، وإنما يريد حقه الأزلي و القانوني والتاريخي والسياسي في تقرير مصيره، واستقلال دولته على ما قبله من المتاح من أرض فلسطين.

 

 

Baker AbuBaker

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب