ثقافة وفنون

الشراكة الفنية بين مصر والعالم العربي: رحلة إبداع لم تنته

الشراكة الفنية بين مصر والعالم العربي: رحلة إبداع لم تنته

كمال القاضي

بعد نكسة يونيو/حزيران 1967 تعثر الإنتاج السينمائي في مصر، وعانت الحركة الفنية من الركود، فتأثر الاقتصاد وزادت البطالة داخل الوسط الفني، لكن الحالة العسيرة لم تستمر طويلاً، حيث فتحت شركات الإنتاج في العاصمة اللبنانية بيروت أبوابها للفنانين المصريين، وبدأت حركة رواج جديدة تُعزز من قيمة الفن المصري وتُقلل من حدة الأزمة الاقتصادية التي تسببت فيها الحرب.
وعلى أثر ذلك سافر عدد كبير من نجوم السينما المصرية، ونجماتها إلى لبنان للمُشاركة في أعمال سينمائية بإنتاج متميز فنياً وإبداعياً واقتصادياً، وحدث نوع من التكامل اللبناني المصري في هذا الجانب، وانتعشت حركة التوزيع داخل مصر وبيروت وبقية الدول العربية، وشاهد الجمهور العربي واستمتع بأفلام ناطقة باللهجتين المصرية واللبنانية وتعددت العناوين والموضوعات والمحاور في هذا الصدد.
في هذه الأثناء ظهرت أفلام مثل الاستعراض الكبير «الأجنحة المُنكسرة»ـ «البيت الزهري» – «السيدة الثانية» – «الغربة» – «المُتحضرات» – «النصابين الثلاثة» – «الملكة وأنا» – «دعونا نُحب» – «المُتعة والعذاب» وغيرها. وللتنويه والإحاطة لم يكن التعاون المصري اللبناني في مجال السينما إبان نكسة 67 استثناءً، لكنه كان امتداداً لتجارب متميزة بدأت قبل هذا التاريخ بأفلام ماري كويني وفريد الأطرش ونور الهُدى ونجاح سلام وصباح وزادت بفعل الظروف السياسية. ويُمكن إضافة بعض المُحاولات الناجحة بين مصر وسورياً أيضاً في ما يتصل بالفيلم الغنائي كفيلم «عُقد اللولو» بطولة صباح ودريد لحام وفريد شوقي وعبد السلام النابلسي الذي أنتج عام 1964.

ستوديوهات عجمان

وعلى مستوى الدراما التلفزيونية ظهرت في فترة الثمانينيات استوديوهات عجمان للتصوير الدرامي، التي أسسها رجل الأعمال الإماراتي عبد الله مراد، وافتتحها الشيخ زايد آل نهيان رسمياً عام 1980 لتكون قبلة الفنانين العرب، وداعماً قوياً للإنتاج الدرامي الإماراتي – العربي المُشترك. وبالفعل استقبلت ستوديوهات عجمان عدداً كبيراً من النجوم العرب والمصريين وساهمت في إحداث نهضة درامية مهمة خلال فترة الثمانينيات، فكان من بين ما تم تصويره من الأعمال الفنية الناجحة مسلسل «الشهد والدموع» بطولة عفاف شعيب ويوسف شعبان ومحمود الجندي وعبد العزيز مخيون، ومسلسل و«توالت الأحداث» عاصفة الذي عُرف جماهيرياً بمسلسل «البرادعي» بطولة عبد الله غيث وأحمد توفيق وإخراج حسام الدين مصطفى ومسلسل «دعوة للحُب» بطولة ليلى علوي وإخراج إنعام محمد علي.

الرياض

وفي عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض، ومن خلال الشركة العربية للإنتاج الإعلامي، تم في عام 1984 إنتاج مسلسل «هند والدكتور نُعمان» بطولة كمال الشناوي ورجاء الجداوي والطفلة الصغيرة ليزا، وقد نجح المُسلسل نجاحاً كبيراً وتُمت دبلجته وأذيع في ألمانيا وماليزيا وحقق نسب مشاهدة عالية في حينه. وبالطبع جاء على هذه الخلفية وبتأثير النجاحات السابقة، المشروع الفني التعاوني الحالي بين مصر والسعودية، القائم على قدم وساق لإحداث تنمية فنية إبداعية مُشتركة، حسب المُقرر والمأمول في مجال الغناء والمسرح والسينما، والعمل على استغلال الثنائيات الناجحة بين شباب المُبدعين من النجوم الجُدد، كما في مسرحية على وضع الطيران التي تجمع بين الثنائي الكوميدي شيكو وهشام ماجد في موسم جدة، ويسرا وكريم عبد العزيز بعد فترة غياب طويلة عن خشبة المسرح.

الكويت

وبالرجوع بالذاكرة لعدة سنوات طويلة، سنجد أن الفكرة الإبداعية المُشتركة سبق تحقيقها فعلياً بين القاهرة والكويت لأول مره في عام 1956، حيث أنتج مسلسل بعنوان دفعة القاهرة من تأليف هبة مشاري حمادة وإخراج علي العلي، وبطولة فاطمة الصفي ونور الغندور ومُهند الحمدي ونور الشيخ.
وقد دارت القصة والأحداث حول مجموعة من الشباب والفتيات الكويتيين، درسوا في جامعة القاهرة في كليات مُختلفة، وتخرجوا في دفعة 1956 كأول دفعة للطُلاب الكويتيين في الجامعة وصارت بينهم علاقات ودودة بدأت منذ أول يوم في الدراسة واستمرت إلى ما بعد التخرج. وفي هذا السياق استعرض المسلسل تفاصيل علاقة الزمالة وتطورها بين الطُلاب وتتبعت الأحداث مسار كل شخصية من الشخصيات المحورية.
وفي المُجمل ألقى المسلسل الضوء على دور جامعة القاهرة كقلعة علمية رائدة في المنطقة العربية وأرخ لدورها في المجال العلمي والثقافي والاجتماعي والإنساني. كما أكد المُسلسل أيضاً على دعائم الإخوة والمودة بين مصر وأشقائها الكويتيين والعرب عبر مُشتركات كثيرة قربت المسافات، وأزالت الخلافات العارضة وذكرت بالمواقف التاريخية والأحداث الإيجابية المهمة على مدى سنوات. والمُدهش والمُثير للإعجاب أن مُسلسل «دُفعة القاهرة» أنتج في خمسينيات القرن الماضي، ليُقدم شهادة تسجيلية موثقة عن الروابط الأصيلة والقوية بين الشعبين الكويتي والمصري، وبالتبعية كشف المُسلسل ذاته عن الأبعاد الأخرى المُماثلة في علاقة مصر بأشقائها العرب.

كاتب مصري

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب