مقالات
المقاومة العراقية بقلم العميد الركن المتقاعد الدكتور وليد الراوي
بقلم العميد الركن المتقاعد الدكتور وليد الراوي

المقاومة العراقية
بقلم| العميد الركن المتقاعد الدكتور وليد الراوي
للمقاومة العراقية طبيعة وخصائص فريدة ونادرة، فهي مقاومة لا تشبهها مقاومة وطنية أخرى في التاريخ الحديث، مقارنة بالظروف المحلية والإقليمية الدولية، التي نشأت فيها كل أنواع المقاومة الوطنية.
مقاومة انطلقت في ظل هيمنة القطب الأوحد الذي احتل العراق دون حق وعبر تهم كاذبة، تنصل منها لاحقا قادة الاحتلال ودعاته.
مقاومة وطنية سجلت عبر انطلاقتها كأسرع مقاومة عبر التاريخ حيث تصدت للغزو الأطلسي بعد ثلاثة أيام من إكمالهم صفحة الاحتلال الأخيرة.
مقاومة وطنية لم تحظى بدعم إقليمي أو دولي إسلامي أو عربي، وكان الجميع مرعوب من أميركا وحلفائها، ولا يستطيع أن ينبس ببنت شفة دعما لحق العراقيين في الدفاع عن بلدهم.
كان الهدف الأساسي للمقاومة العراقية هو إفشال المشروع الامبراطوري الأميركي الذي اسسه اليمين الأميركي “المحافظون الجدد” ومشروعهم فيما يسمى الشرق الأوسط الجديد.
لقد تكبدت القوات الأمريكية خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات فاقت ما توقعه مخططوا وزارة الدفاع الأمريكية، كما حدث لهم في معركة الفلوجة الأولى التي كانت انعطافة تاريخية في تاريخ الجيش الأمريكي عندما خسر ميدانيا بحرب برية أمام مدينة من مدن الأنبار أكدت فيها براعة المقاومة العسكرية والتخطيط في إجبار أكبر الجيوش على التفاوض وتسليم المدينة لأهلها المقاومين
وعلى الرغم من الأساليب التي استخدمتها الإدارة الأمريكية وقواتها في العراق لإنهاء المقاومة العراقية أو الحد من تأثير فعالياتها، إلا أن المقاومة العراقية حققت جزءا مهما من أهدافها على الصعيد الاستراتيجي إذ نجحت في تفتيت التحالف الدولي الذي تشكل ونفذ عمليات غزو العراق وذلك من خلال إجبار دول أساسية شاركت في العدوان كإسبانيا وإيطاليا على الانسحاب من العراق، كما أجبرت المقاومة العراقية الإدارة الأمريكية على جدولة انسحابها من العراق عبر انسحابها إلى القواعد أولا ومن ثم قرارها بسحب القسم الأعظم من قواتها مع نهاية العام 2011.
لقد مرت المقاومة العراقية بمراحل أربعة أساسية، مراحل امتازت بها دون غيرها من حركات المقاومة، تجسدت المرحلة الأولى في عمليات الفعل ورد الفعل المسلح، حيث شكلت هذه المرحلة نقطة البداية لمشروع المقاومة العراقية واتجاهاتها اللاحقة، فإما أن تختط الطريق الوطني لتصبح مقاومة وطنية أو تختط طريق الإرهاب لتصبح فيما بعد مجموعة عصابات وقتلة، فكانت المرحلة التي صاغت خلالها القوى المسلحة برامجها في الاتجاه الصحيح بوصفها مقاومة عراقية وطنية وناتج طبيعي لاحتلال العراق.
المرحلة الثانية: نشأت الفصائل والجماعات المقاومة في هذه المرحلة، تبلورت الفصائل والجماعات المسلحة من خلال الإعلان عن أسماء وعناوين منتخبة تعرف بها وهي أسماء جاءت لتعبر عن دلالات وطنية أو دينية أو تأريخية، مثل كتائب ثورة العشرين، وجيش رجال الطريقة النقشبندية والجيش الإسلامي وغيره.
إن تصاعد وتيرة الصراع مع القوات الغازية حتم على فصائل المقاومة العراقية التعجيل في دخول المرحلة الثالثة ” ظهور الجبهات ” لينتج عن ذلك تأسيس جبهات عديدة متناسقة إيديولوجيا فيما بينها
عبر قيام جبهات تعبر عن وحدة فصائل المقاومة حيث توحدت الفصائل على أسس إما دينية “فقهية” أو على أسس وطنية مع ظهور قيادات عسكرية واضحة لها.
لتأتي المرحلة الرابعة، ظهور الأجنحة السياسية للمقاومة يمكن اعتبار هذه المرحلة من أهم مراحل تطور المقاومة العراقية عبر الإعلان عن ظهور جناح سياسي للمقاومة بشكل واضح ومعلوم وغير مستتر.
لقد خولت جبهة الجهاد والتغيير بفصائلها العشرة مع فصائل أخرى المرحوم الشيخ الدكتور حارث الضاري في الأول من حزيران 2009 رئيس هيئة علماء المسلمين ناطقا ومخولا لها في الأمور السياسية.
هذا الإعلان بتخويل المرحوم الشيخ الدكتور حارث الضاري قد حقق نتائج إيجابية على صعيد تطور العمل المقاوم، إذ شجع فصائل وجبهات أخرى على تأسيس مجالس سياسية معلومة أو إلى التوحد والانضمام إلى جبهات المقاومة الأخرى.
وتعتبر فصائل التخويل مرحلة متقدمة جدا في تطور العمل المقاوم عبر تأسيس الجناح السياسي للمقاومة الوطنية العراقية، والذي أعلن عن شروط المقاومة العراقية لتحرير العراق والذي تجسد بانسحاب القوات الأمريكية من العراق.