الصحافه

هآرتس: الكابينت يدرس حجم الضربة والرد المقابل.. والدروز لليمين “المنافق”: لسنا أداة لأهدافكم السياسية

هآرتس: الكابينت يدرس حجم الضربة والرد المقابل.. والدروز لليمين “المنافق”: لسنا أداة لأهدافكم السياسية

على الفور، بعد هبوط رئيس الحكومة نتنياهو في البلاد، بدأت أمس بعد الظهر سلسلة مشاورات أمنية بشأن رد إسرائيل على إطلاق الصاروخ نحو هضبة الجولان، الذي قتل بسببه أول أمس 12 طفلاً وفتى، وأصيب عشرات الأشخاص في القرية الدرزية مجدل شمس. الحادث الخطير لن يمر بدون رد قاس من إسرائيل. تركزت النقاشات على قوة العملية المطلوبة وتضمنت تقدير كيفية رد حزب الله. تبادل اللكمات القادم سيحسم إذا كانت هناك انعطافة في الحرب التي ستضع الجبهة الشمالية في مركز الأحداث، أم سيكون تصعيد آخر يمكن استيعابه بدون أي تغير مهم في التوجهات.

منذ سقوط الصاروخ في ملعب كرة القدم، يحاول حزب الله نفي مسؤوليته عن الإطلاق. أدى الحادث إلى حرج حزب الله على خلفية إصابة أولاد دروز، الذين جزء من عائلاتهم يحملون الجنسية السورية. ولتجنيد مهمة الكذب والتضليل هذه، حاول سياسيون ورجال دين دروز من لبنان وسوريا إلقاء التهمة على إسرائيل. عملياً، الحقائق واضحة: ضرب الملعب صاروخ “فلق” ثقيل الوزن من إنتاج إيراني، أطلقه رجال حزب الله من منطقة مزارع شبعا في شمال غرب جبل الشيخ.

يمكن الاعتقاد بأن حزب الله لم يوجه الصاروخ نحو مجدل شمس، بل نحو مواقع الجيش الإسرائيلي في جبل الشيخ وفي مزارع شبعا. وهذا لا يغير الكثير. فمنذ بداية الحرب، أطلق حزب الله مئات الصواريخ نحو جبل الشيخ. وقد سجلت في السابق إصابات في مجدل شمس ومحيطها وقرب قرى درزية في شمال هضبة الجولان. يعرف حزب الله ذلك، وكان يدرك أن سكان القرى الدرزية في هضبة الجولان لم يتم إخلاؤهم. كامل المسؤولية واقعة عليه، فهو الذي بدأ الحرب في 8 تشرين الأول، عندما انضم بعد يوم (إطلاق النار المضادة بدون اقتحام للحدود) إلى هجوم حماس في الجنوب.

تعرف قيادة حزب الله أن إصابة المواطنين تعد تجاوزاً لقواعد اللعب المكتوبة التي تبلورت في الحرب. ركز الطرفان غالباً على الأهداف العسكرية وحاولا تجنب المس بالمدنيين. أطلق حزب الله بين فينة وأخرى بشكل متعمد نحو مدنيين إسرائيليين، بعد أن أصاب الجيش الإسرائيلي بالخطأ مواطنين في لبنان أو بعد أن انتظر رجاله لفترة طويلة جداً -حسب رأيهم- كمائن لقوات الجيش الإسرائيلي، واختاروا في النهاية ضرب المدنيين بعد تعذر الوصول لهدف عسكري. في اللحظة التي فهم فيها حزب الله أن المستوطنات على الحدود تم إخلاؤها بتعليمات الحكومة والجيش، بدأ يطلق النار عليها بشكل متعمد على فرض أنه سيصيب جنوداً. يدرك حزب الله أن إسرائيل لن تمر مرور الكرام على قتل المدنيين، وأنها تخطط لرد شديد نسبياً.

في مثل هذه الظروف، يجري حزب الله بشكل عام مشاورات مكثفة مع النظام الإيراني ومع كبار قادة حرس الثورة في محاولة لبلورة سياسة عمل مشتركة. الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي، يعطي أهمية كبيرة لنصائح رئيس حزب الله، حسن نصر الله. منذ موت قاسم سليماني باغتيال أمريكي في العراق في 2020 وحسن نصر الله هو الذي يقود سياسة المحور الشيعي تجاه إسرائيل بدرجة كبيرة.

لطهران اعتبارات مركبة؛ فحرب الاستنزاف مع إسرائيل تبدو أمراً يخدم مصالحها الآن؛ أما المواجهة الإقليمية الشاملة فلا تبدو أمراً مرغوباً فيه الآن. من جهة أخرى، تستخدم الولايات المتحدة ضغطاً كبيراً على إسرائيل كي لا ترد بصورة قاسية جدا -حسب رأيها- في لبنان. الأمريكيون يخشون من حرب إقليمية ستؤثر على الحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة. والمجتمع الدولي يخشى من سيطرة هذه الحرب على الأجندة الدولية في ذروة الألعاب الأولمبية.

ثمة تداعيات متبادلة بين ما يحدث على الحدود بين لبنان وإسرائيل، وبين الحرب ضد حماس والمفاوضات حول صفقة التبادل. لرئيس حماس في غزة، يحيى السنوار، مصلحة في الانتظار وعدم الدفع قدماً بالصفقة بشكل فوري. وإذا كانت هناك احتمالية لجر إسرائيل إلى حرب إقليمية مع تدخل مباشر لحزب الله وغير مباشر لإيران، فسيكون هذا مكسباً له. وبهذا الشكل، وحسب جميع الدلائل، فإن نتنياهو يعيق تقدم المفاوضات. رد إسرائيل الأخير الذي نقل لدول الوساطة السبت، يشمل زيادة التصلب في المواقف. وحسب مصادر أمنية مطلعة على ما يحدث، فإن احتمالية رد حماس بالإيجاب قبل التصعيد في الشمال، كانت ضعيفة جداً.

وهناك فجوة بين خطاب إسرائيل العلني المتشدد عقب قتل الأطفال في هضبة الجولان، وبين السياسة العملية التي تتبعها. بعض المتحدثين الإسرائيليين -رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان ووزير الخارجية ووزراء لا تأثير لهم على السياسة- هددوا في الأيام الأخيرة بأن حزب الله سيدفع ثمناً باهظاً لما فعله. في المقابل، الكثير من هؤلاء يدركون القيود التي ستواجه نشاطات الجيش الإسرائيلي: تأخير التسليح الجوي الدقيق من الولايات المتحدة، والعبء الواقع على كاهل القوات المقاتلة سواء النظامية والاحتياط، والصعوبة الكامنة في عملية برية في جنوب لبنان. وهناك من يقترحون حلاً سحرياً آخر، وهو قصف البنى التحتية في لبنان. ثمة شك في جدوى هذا الحل. فتأثير حكومة لبنان والجيش اللبناني على اعتبارات حزب الله قليل جداً.

   نفاق ظاهر للعيان

حادثة مجدل شمس هي الأصعب التي أصيب فيها مدنيون من سكان إسرائيل منذ 7 تشرين الأول. وكما هو متوقع، استدعت ردوداً صاخبة أيضاً من قبل الجمهور اليهودي والعربي في إسرائيل، من خلال التماهي مع العائلات. ولكن جزءاً من هذا التطرق ليس سوى عناق دب، لا تستقبله الطائفة الدرزية بأي انفعال، خصوصاً في أوساط سكان هضبة الجولان الذين يعيشون في متاهة الهوية والولاء؛ بين السلطات الإسرائيلية الحالية ونظام الأسد الذي سيطر على هضبة الجولان حتى العام 1967.

يبرز نفاق السياسيين في اليمين، الذين دفعوا قدماً وبشكل حثيث بقانون القومية مع تجاهل احتجاج الطائفة الدرزية على التمييز ضدها في هذا القانون. رغم موت كثير من الضباط والجنود الدروز في الحرب منذ تشرين الأول وحتى الآن، لكن اليمين استمر في تجاهل طلب الدروز تعديل القانون.

الغضب الذي عبروا عنه أكثر من مرة خلال الحرب لم يزعج أعضاء الكنيست والوزراء هؤلاء للوقوف أمس في جنازة قتلى الهجوم واستغلال الحدث لأغراض سياسية. تم استقبال بعض الوزراء بالصراخ والشتائم من قبل سكان الجولان الذين لم ينفعلوا من هذا الاحتضان المتأخر.

 عاموس هرئيل

  هآرتس 29/7/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب